كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[عدم استحقاق الثواب والعقاب يلزم كرامة الفجار ومساواة الأبرار والعصاة الأشرار]

صفحة 204 - الجزء 3

  لسوء اختياره وعناده للحق، فعلى مَن اللائمة؟ فتأمل ذلك إن كنت من المتوسمين⁣(⁣١).

  ولم يتعبده بأن يعتقد أنه لا يؤمن لكون الإيمان متعذراً عليه؛ إذ لو كان كذلك لكان معذوراً، وقد يجوز أن يكون الخبر مما يعرف مخبره مع كفره؛ لأنه إنما يستدل بذلك من عرف أن القرآن حق، وهو لا يعرف ذلك إلا بعد الإيمان، وهو لم يؤمن.

  وعلى أن هذا يفارق قولهم: إن العبد لا قدرة معه على الإيمان، وفيه ما يمنع منه، وهو خلق الكفر والقدرة الموجبة للكفر؛ لأن في هذا الوجه يكون قد أتي في الكفر من قِبَلِه تعالى، وفي تكليف من علم أنه لا يؤمن وهو قادر على الإيمان، يكون قد أتي من قبل نفسه، فلا يدل على أنه ممنوع بالخبر من الإيمان، من حيث أنه عرف أنه سيصلى النار، وأنه يموت على الكفر؛ لأنه ليس في الظاهر ما ادعاه من التناقض.

[عدم استحقاق الثواب والعقاب يلزم كرامة الفجار ومساواة الأبرار والعصاة الأشرار]

  وقوله [أي الشيخ محيي الدين]: ولا بكرامة الفساق والفجار، «فنحن⁣(⁣٢) نقول بذلك».

  فالجواب: أنه حكاه على الجواز على المذهب، أنه لا يستحق عليه تعالى ثواب ولا عقاب، لا على الوقوع، والفقيه يقول بذلك ويناظر عليه، فكيف ينكره هاهنا؟!

  وقوله [أي الشيخ محيي الدين]: ولا بمساواة الأبرار، والعصاة الأشرار، «فنحن⁣(⁣٣) نقول به».


(١) المتوسمين: المتفرسين المتأملين، وحقيقة المتوسمين النظار المتثبتون في نظرهم حتى يعرفوا حقيقة سمة الشيء. تمت من الكشاف.

(٢) بداية كلام فقيه الخارقة.

(٣) بداية كلام فقيه الخارقة.