[عودة إلى الحوار حول الاعتزاء إلى الإمام زيد (ع)]
  {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ} أي خلقنا خلقاً عاقبة أمرهم أنهم يصيرون إلى النار، باختيارهم وسوء صنيعهم بأنفسهم؛ إذ لم يكن عِلْمُ الله تعالى ولا إخباره بأن عاقبتهم المصير إلى النار موقعاً لهم في النار؛ لأن العلم والإخبار ليسا بموجبين للمعلوم والمخبر عنه، بل يتعلقان بالشيء على ما هو به إذا كان الخبر صدقاً، وخبره تعالى صدق.
  وقوله [أي فقيه الخارقة]: «ولا معنى لقول من قال: إن الذرء هو الإعادة لأن الله تعالى قال: {وَهُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ٧٩}[المؤمنون]، فدل على أن الذرء هو الخلق الأول».
  فالجواب: أن استعمال الذرء في الخلق الأول لا يمنع من استعماله في الإعادة؛ لأنها خلق أيضاً، فكيف يمنع من ذلك، لولا التجاهل؟! لأن تسمية الخلق الأول ذرء لا يمنع من تسمية الآخر بذلك، بل هذا هو الواجب في إطلاق لفظ الحكيم فيما يصح معناه، مما لا يخالف لفظه العقل والمحكم.
[عودة إلى الحوار حول الاعتزاء إلى الإمام زيد (ع)]
  ثم قال: «وقول القدري: فهذه المسائل وأمثالها من مسائل الأصول، مما خالفت فيه الجبرية القدرية، وتبعت إمامَها فيه الزيديةُ العدلية - قال [أي فقيه الخارقة]: فلسنا نسلم لهم تصحيح اعتزائهم إلى (زيد بن علي –عليه وعلى آبائه السلام -)».
  فالجواب: أن المنع من الاعتزاء إلى زيد بن علي # بغير دلالة لا وجه له.
  وأما قوله [أي فقيه الخارقة]: «ولقد سألناهم عن الدليل على ما ادعوه من ذلك، فعجزوا عن إقامة الدلالة على دعواهم».
  فالجواب: أنه إن أراد إقامة الحجة على صحة الاعتزاء إليه #، فقد قُلتَ بذلك أنت وسواك من الفرق، وإن أردت الموافقة على المسائل التي فارقوا بها