كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[طريقة التحابط بين الحسنات والمعاصي]

صفحة 231 - الجزء 3

  على كل فعل من طاعة أو معصية، عقيب أن يفعله في كل وقت من الأوقات المحققة أو المقدرة مقداراً معلوماً إلى ما لا آخر له، فيصح حينئذ التحابط بين الأقل والأكثر، باعتبار آحاد الأوقات، وانحصار ما يستحق في كل وقت منها ويصح تفاضل المستحق من ثواب أو عقاب باعتبار آحاد الأوقات فيستحق أحد المثابين كالنبي ÷ والوصي # في كل وقت، أكثر مما يستحقه المثاب الآخر إلى ما لا آخر له.

  ويستحق أحد المعاقبين كالكافر والفاسق في كل وقت، أكثر مما يستحقه الآخر من العقاب إلى ما لا آخر له؛ فأنت إذا نظرت إلى آحاد الأوقات، فهو يستحق فيها الجزاء من ثواب أو عقاب، عرفت أن ما يستحق فيه متناهٍ، ويصح فيه المفاضلة، وتقع فيه المحابطة.

  وإن نظرت إلى سائر الأوقات التي يستحق فيها الثواب والعقاب، عرفت أنها لا آخر لها، وعرفت أن المستحق فيها لا آخر له، وعرفت أن ما وقع به التحابط مع كثرة آحاده وقلتها لا آخر له.

  فهذه هدية منا لمن قبلها وعقلها، والجزاء عند الله تعالى، ومكافأة الفقيه على إحسانه⁣(⁣١) في هذا الموضع، فإنه أثنى بما هو أهله، وموضعه ومحله، فلينظر الناظر فيما قدمه الفقيه مما يكافئه الله تعالى عليه، وما كافأناه به في هذه المسألة التي عجز عن معرفتها كثير من ذوي النهى؛ فليس كما قال الفقيه في مسألة أفعال العباد: إنه تحير فيها ذوو الألباب، وإنه يسعه السكوت في أمرها؛ فإن كان عند الفقيه فضل من معرفة بهذا الشأن نظر فيما قلنا، وعرف صحيحه من سقيمه، وإن كان عاطلاً منه فالظن أن ناحيته لا تتعطل من فضلاء، ممن يعرف ذلك على كل حال، من كان فرضه البيان، فليس⁣(⁣٢) ممن فرضه أن يتبين منه غيره، ثم يبنى على ما ذكرنا تعيين المسائل


(١) هذا من باب التهكم.

(٢) اسم ليس: ضمير الفقيه.