كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[استحقاق أهل الكبائر للخلود]

صفحة 237 - الجزء 3

  الخطاب، عن أن يكون حجة على من بلغه شيء من الأوامر والنواهي والبواعث والزواجر التي نزلت للأسباب، وهذا محال.

  وأما قوله [أي فقيه الخارقة]: «وأما الشرك بالله، فلا خلاف في تخليد صاحبه في النار».


= {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ} ... إلخ [النساء: ٩٣]، لأنه كفر بغير القتل، وفيه من التحريف ما لايخفى ... وقد قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا ١٠}⁣[النساء]، مع قوله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا ٢}⁣[النساء]. وقال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} إلى قوله: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ٢٩ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا}⁣[النساء: ٣٠]. وقال تعالى: {يَانِسَاءَ النَّبِيِّ} إلى قوله: {يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ}⁣[الأحزاب: ٣٠]. وقال تعالى: {وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ}⁣[هود: ١١٣]. وفي آية الربا قال تعالى: {وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ٢٧٥}⁣[البقرة]، وقال تعالى فيها: {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ}⁣[البقرة: ٢٧٩]، وقال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا} إلى قوله: {فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ١٦}⁣[الأنفال: ١٥ - ١٦]، وقال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ} إلى قوله: {فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ ٩٤}⁣[المائدة]، وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ٢٣}⁣[النور]، مع قوله تعالى فيهم: {وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ٤ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} ... إلخ [النور: ٥]، وقال تعالى في حد المحاربين: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ} إلى قوله: {ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ٣٣}⁣[المائدة]، والحد من المختص بالمسلمين. فهذه آيات في وعيد أهل القبلة بخصوصهم مع دخولهم في الوعيد الشامل لهم ولغيرهم من الكفار، تأمل موفقاً إن شاء الله.

وقال تعالى: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ} إلى قوله: {فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ ١٧٨}⁣[البقرة]، وقال تعالى في المسجد الحرام: {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ٢٥}⁣[الحج]، وقال تعالى: {فَأَمَّا مَنْ طَغَى ٣٧ وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ٣٨ فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى ٣٩}⁣[النازعات]، وقوله تعالى: {يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ ١١} ... إلخ [المعارج]. وهذه الثلاث الآيات واضحة في إرادة الفساق، فتأمل.

وهذا كله بناءً على كون الفسق والكفر شرعيين، وأنه قد ثبت النقل ولا دليل على ذلك، وإنما هو اصطلاح، وإذا لم يصح النقل إرتفع الخلاف إذ الكفر والفسق بمعنى واحد.