كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[تجميل الإمام لحال الصحابة ليس تقية، ومجرد الوصف بالظلم لا يدل على السب]

صفحة 273 - الجزء 3

  كِلا الأمرين، ما لم يدل دليل على القطع بأحدهما، إما الإحباط والتكفير، وإما استحقاق اللعن والعقاب.

  وقد ثبت أن الخطأ وقع من المشائخ، وأنه ظلم لعلي #؛ لما دل على ذلك من ثبوت إمامته بعد النبي ÷ بلا فصل بينهما، ولم يثبت لنا أن هذا الخطأ والظلم كبير فيستحق به اللعن والعقاب، ولا صغير فيعتقد فيهم البقاء على ما كانوا عليه وقت الثناء من الله سبحانه، ومن رسول الله ÷.

  والأنبياء $ في قول قائلهم: إني كنت من الظالمين، لا يخلو من صدق أو كذب؛ فلا يجوز أن يكون كذباً لعصمتهم، فبقي أنه صدق، وقد حكى أنه من الظالمين، وهو لا يستحق الاستخفاف والسب، مع صحة كونه ظالماً، ولو ورد كلمة الظلم من غير النبي ÷ في كتاب الله تعالى، وقرره الحكيم سبحانه؛ لقطع على ظلمه؛ فما الفرق أيها العلامة بين الأمرين؟

  وإذا كان كلامنا وسبنا الذي زعمته قضاه الله تعالى؛ وجب عليك الرضا به، ولا تسخطه، وإلا كنت من الكافرين عند جميع المسلمين.

  وأما قوله [أي فقيه الخارقة]: «ومن هذا التزييف، قول هذا الناصر⁣(⁣١) الشريف، إنا صرنا نجمل له أفعال مشائخه وأئمته، وهو يقبحها - فأعجب لهذا الكلام، وهذه الحجة؛ إذ قد زعم أنه في تمويهه هذا مقيمها وموضحها».

  فالجواب: أن المراد أنه بين له أن لفظة الظلم لا يستوجب من أطلقت عليه العقاب؛ لأنه قد سمي بها من لا يستحق العقاب، ولما جادل الفقيه عن ذلك وقال: إنه لا يستوي في اسم الظلم من وصف نفسه بالظلم، ومن نسبه غيره إليه، صار حينئذ محتجاً على كون ظلم المشائخ كبيرة؛ لأن ما لم يكن صغيراً من القبائح فهو كبير، فهذا معنى قوله: نجمل أفعالهم وهو يقبحها.


(١) المراد به الشيخ محيي الدين ¥.