كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[تجميل الإمام لحال الصحابة ليس تقية، ومجرد الوصف بالظلم لا يدل على السب]

صفحة 272 - الجزء 3

  تدل بظاهرها على سب ولا لعن، وإنما تدل على أن الأمر قد عظم عنده # وأمره إلى الملك العلام، ولو لعن # وصح لنا للعَنَّا أيضاً؛ لأنه إمامنا وقدوتنا، ومعصوم عن الخطأ، وأعرف بما عند رسول الله ÷.

  فأقول ومن الله العون والتوفيق: أما قوله بزعمه: إن تجميل الإمام لحال الصحابة ¤، لم يكن تقية، وسواه من الشرفاء يظهر السب، وإنما ذكر ذلك ديناً وتصريحاً بما يعتقد - فاعلم أن الصحابة ¤ في غاية الجمال؛ إذ هم الحائزون بعد رسول الله ÷ أعلى رتب الكمال قبل تجميله، وما أظهر من قيله، ولم يظهر إلا ما يدل على انتقاصهم، وحطهم عن درجاتهم، والله يجزي على ذلك أو يخزي.

  وأما قوله [أي محيي الدين]: إن مجرد الظلم لا يدل على السب، واستدلاله بالآيتين؛ فذلك⁣(⁣١) تمويه منه على أشياعه، وتزييف على الجهال من أتباعه؛ فأما علينا فإنا ننقد ذهبه، ونعرف مذهبه، ونظهر بهرجه، ونعرفه عسر الخروج من ضيق مدخل ولجه.

  كيف يستدل باعتراف الأنبياء بظلمهم أنفسهم على جواز نسبة الخلق بعضهم بعضاً إلى الظلم، على أنه يأنف إذا قيل له: يا ظالم، ولم يفرق بين من نسبه الله تعالى إلى الظلم، وبين من وقذ غيره بالظلم، وبين من اعترف لربه بالظلم، فهذا يحتاج في ظهوره إلى دليل، بل قد ظهر للجهال دون العلماء أن هذا الرجل لم يسلك طريق العلم، ولا عرف منه الشيء القليل».

  والجواب: أن حكاية الظلم عن نفسه، أو حكاية الغير عنه، لا تخرج الظلم عن كونه ظلماً، وهو وجه قبحه، فإذا كان ثبوت وجه القبح فيه في كل موضع؛ لا يدل بإطلاقه على أن فاعله كافر أو فاسق، فذلك هو مرادنا، وإن كنا نقطع في الأنبياء $ وفي كل معصوم أن معاصيهم صغائر، وفيمن لم يظهر حاله يجوز


(١) بداية كلام فقيه الخارقة.