[معنى أن اللطف في الطاعات واجب]
  فالجواب: أنه اقتصر على دفع كلام صاحب الرسالة بقوله: ليس كذلك، وهذا مثل ما تقدم أنه لا يعجز عنه عالم ولا جاهل.
  وأما قوله [أي فقيه الخارقة]: «إن اللطف في الطاعات والواجبات واجب على الله تعالى».
  فالجواب: أن إطلاق هذا اللفظ إنما يصح عند من يستدل على عدل الله تعالى وحكمته، فيعلم أن عدله تعالى يمنع من أن يكلف ولا يلطف، ولا يراد بذلك أن موجباً أوجب ذلك عليه تعالى.
  وقوله [أي فقيه الخارقة]: «إنه يجري مجرى القدرة والآلة، فكيف يُسأل ما هو واجب عليه».
  فالجواب: أن وجوب هذه الأمور لما يرجع إلى عدل المكلِّف وحكمته؛ لأنه لو كلف ولم يمكن أو لم يلطف، أو كلّف المقعد العَدْو، والأعمى نقط المصحف على الاستقامة، لكان تكليفاً لما لا يطاق(١)؛ لأنه قبيح تمنع الحكمة منه.
  ولم يقل بوجوب شيء من هذه الأشياء لأن أحداً أوجبه عليه تعالى؛ لأنه ليس فوقه تعالى من يوجب عليه شيئاً، ولأن وجوب هذه الأمور لأمر يرجع إلى العدل والحكمة كما ذكرنا، ووجه وجوبها ما هي عليه من كونها ألطافاً أو تمكيناً
(١) قال ¦ في التعليق: ينظر في شمول الوجه للطف؛ فإنه على مذهب المعتزلة ممكن وقوع المكلَّف به من دون اللطف؛ لأن اللطف ما يكون العبد معه أقرب إلى امتثال ما كلف به، أو أنه ما يقع عنده الامتثال، وليس أنه لا يمكن الامتثال إلا به، ولذا ضعف القول بوجوبه، فإنه لا وجه له، وإلا لزم رفع زيادة مشقة التكليف، وأن يكون على أخف المشقة، فإن زيادة المشقة فيه إمَّا لعظمه أو لما يقترن به من قوة دواعي فعل المنهي عنه، والصوارف عن فعل المأمور به، من قوة شهوة أو نفرة، وكذا تخلية إبليس ونحوه، وإمهال المضل، وإنزال المتشابه، وإبقاء المنسوخ. كل هذه ممَّا ينافي اللطف على القول بوجوبه، فلا وجه لوجوبه؛ بل قد يكون تركه أولى زيادةً في مشقة التكليف؛ ليعظم الأجر، فحسن تركه كحسن التكليف بالأشق، فليتأمل.
ويأتي للإمام كلام في اللطف ما يفيد أنه قد يقع التكليف من دونه، في الجزء الرابع، في الصفحة السادسة منه، وفي الخامسة. ويأتي له # حقيقة اللطف من أنه ما يختار عنده الطاعة أو يكون أقرب.