[سؤال التأييد والهداية لا يحسن إلا من الموحدين]
  ثم قال [أي فقيه الخارقة]: «فأما ما ذكره من الهداية، فإن أراد تعريف طريق الخير والشر المشار إليه بقوله تعالى: {وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ ١٠}[البلد]، فقد أنعم الله بذلك على كافة عباده، بعضه بالعقل وبعضه بلسان الرسل $، ولذلك قال تعالى: {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى}[فصلت: ١٧]، فكيف يسأله ما قد أنعم به عليه وعلى غيره من دون سؤال؟».
  فالجواب: ما قدمنا أن هذا يدل على أن فعل العبد متعلق به، وأنه محدثه، دون أن يكون تعالى هو الذي أحدثه.
  وأما قوله [أي فقيه الخارقة]: «فكيف يسأله ما قد أنعم به عليه».
  فالجواب: أنه يحسن منه أن يسأله تعالى استدامة ذلك، ويحسن أن يسأله تعالى صرف العوائق عن الانتفاع بما أنعم به عليه، وعلى كل حال يجب الانقطاع إليه سبحانه في كل حال.
  وأما قوله [أي فقيه الخارقة]: «فقد ظهر بهذا أن قول هذا الرجل إنما هو مدافعة للحق بالباطل، وتمويه على العوام، وعلى الجهلة الطغام».
  فالجواب: أنه لم يظهر من كلامنا ولا من حكى عنه ما يوجب هذه الوقاحة.
  وأما قوله [أي فقيه الخارقة]: «هذا الذي ذكرناه في الهداية إنما هو أول منازلها، ولها منازل أخر رأينا أن لا نسمح بذكرها؛ لكونه ليس من أهلها، وإن كان من أهلها فلا فائدة في تعريفه شيئاً هو عارف به، وليس هو من غرضنا».
  فالجواب: أنا قد بينا أن الهداية إنما تحسن إذا كان العبد يفعل أفعاله، فإذا كان تعالى هو فاعلها لم يحسن؛ لأنه حينئذ يفعل الهداية ليحصل فعل نفسه، فكأنه هدى نفسه تعالى الله عن ذلك.
  وأما ما ذكره لمنازل الهداية، واعتذاره بأنه لا يسمح بها لغير أهلها، ولا لأهلها؛ لأنه لا فائدة في تعريفه شيئاً هو عارف به - فالجواب: أن هذه العلة توجب أن لا يفيد أحد غيره شيئاً من الأشياء؛ لأنه إذا كان جاهلاً فليس من