[إقرار الفقيه بمعنى العصمة وذكره حديثا في فضل أبي بكر والجواب عليه]
  رسالتنا الأولى وفي هذه، مما يؤذن بتخصيصه على جميع المؤمنين، وأنه قد حاز فضائل لم يسبقه إليها أحد من الأولين والآخرين، سوى النبيين والمرسلين، لكنا نورد من ذلك هاهنا حديثاً واحداً، مسنداً جامعاً، بفضل أبي بكر، مميزاً له على غيره، فإن يرد الله بك خيراً فذلك، وإن تكن الأخرى فقد أدينا ما وجب علينا، فأقول: بالسند المتصل الذي أوردته في رسالتي هذه إلى محمد بن الحسين الآجري، قال: حدثنا أبو القاسم عبدالله بن محمد بن عبدالعزيز البغوي، قال: حدثنا وهب بن بقية الواسطي، قال: حدثنا عبدالله بن سفيان الواسطي، عن ابن جريج، عن عطاء، عن أبي الدرداء ¥ قال: رآني النبي ÷ أمشي أمام أبي بكر فقال: «يا أبا الدرداء، أتمشي أمام من هو خير منك في الدنيا والآخرة، ولا غربت على أحد بعد النبيين والمرسلين أفضل من أبي بكر»؛ فما تقول في هذا الحديث، أتصدق به وتقول بموجبه، فيلزمك منه ما يلزم؟ أم تكذبه كما تصنع بما عجزت عن جوابه؟ فالله لكل بالمرصاد».
  فالجواب: أنا قد بينا قبل هذا من الأخبار ما يدل على أن أمير المؤمنين # أفضل الصحابة، وأنه معصوم عن الكبائر، مع أنا لو استقصينا ما ورد من ذلك لطال الكتاب، وأخرجنا عن الغرض المقصود بالكلام على ما أورده من المسائل.
  على أن ما رواه في هذا الموضع عن أبي الدرداء، فإنه من أخبار الآحاد التي لا يصح التعلق بها في هذا الباب؛ لأن العلم بأن النبي ÷ قال ذلك لا يقع، لا من طريق الاضطرار، ولا من طريق الاكتساب.
  أما الضروري: فلأنه لا يدعيه وإلا كان مباهتاً.
  وأما الاكتساب: فإما أن يحصل عن إجماع على قوله، وذلك لا يصح؛ لأن الشيعة بأسرها لا تقبل هذا الخبر، وكذلك أكثر المعتزلة من قال منهم بفضل علي