كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[عدم استدلال علي (ع) على عمر حين ولاه أبو بكر]

صفحة 430 - الجزء 3

  وأما قوله: «وقلت: خاف شق العصا، فكلام متناقض، قد دللنا على بطلانه في غير موضع».

  فالجواب: أنه ما دل على ما ادعى إلا بأن الصحابة أهل دين وورع؛ فلا يتصور منهم ذلك، وقد أجبنا عن ذلك في موضعه، وأنهم اعتقدوا أن ما فعلوه - من حمل الناس على البيعة طوعاً وكرهاً، وتهددهم بما يؤدي إلى تلف النفوس -


= القيام: (أفلح من نهض بجناح أو استسلم فأراح).

وروى شريك بن عبدالله قاضي البصرة، قال: قال الأشعث بن قيس لعلي: (إنك لم تقم مقاماً فينا إلا وأنت تقول: ما زلت مظلوماً منذ قبض رسول الله ÷، فما منعك أن تضرب بسيفك دون ظلامتك؟! قال: يا أشعث، منعني من ذلك ما منع هارون؛ إذ قال لموسى: {يَاابن أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ} ... إلخ [طه: ٩٤]، وكان قول موسى: إن ضل قومي فجاهدهم، فإن لم تجد أعواناً فاكفف يدك واحقن دمك، فكففت يدي أن يقول لي أخي: ألم أقل لك إن لم تجد أعواناً فاكفف يدك، ولو أمرني بمجاهدتهم وحدي لفعلت). انتهى باختصار من (الكامل المنير) للقاسم بن إبراهيم @. تمت. ورواه الطبري.

ولذا قال #: (اللَّهُمَّ إنِّي أستعديك على قريش؛ فإنهم قطعوا رحمي، وأكفأوا إنائي، وأجمعوا على منازعتي حقاً كنت أولى به من غيري إلى قوله: فنظرت فإذا ليس لي رافد، ولا ذاب، ولا مساعد، إلا أهل بيتي، فظننت بهم على المنيَّة، فأغضيت على القذى ... إلخ كلامه.

وقال علي في خطبة له رواها صالح بن كيسان بن عبدالملك بن نوفل، والشعبي، وابن أبي ليلى: (والله إن طلحة، والزبير، وعائشة، يعلمون أني على الحق وأنهم مبطلون) ذكره ابن عبدالبَّر في (الإستيعاب).

قال ابن عبدالبَّر في (الإستيعاب): ذكر عمر بن شبة عن المدائني عن أبي مخنف عن جابر عن الشعبي، قال: (لَمّا خرج طلحة والزبير كتبت أم الفضل بنت الحارث إلى علي بخروجهم، فقال: العجب لطلحة والزبير، إن الله، ø، لَمّا قبض رسوله ÷ قلنا: نحن أهله وأولياؤه لا ينازعنا سلطانه أحد، فأبى علينا قومنا فولوا غيرنا، وأيم الله؛ لولا مخافة الفرقة، وأن يعود الكفر، ويبور الدين، لغيرنا، فصبرنا على مضض ... إلخ). انتهى.

وقد روى هذا لعلي # عبدالله بن جنادة من خطبة له # رواها ابن أبي الحديد عن ابن جنادة، وقد مرّ الإشارة إليها وأنه رواها أبو الحسن المدائني.

وقال علي #: (إن الله لَمّا قبض نبيه ÷ استأثرت علينا قريش بالأمر، ودفعتنا عن حق نحن أحق به من الناس كافة، فرأيت أن الصبر على ذلك أفضل من تفريق كلمة المسلمين وسفك دمائهم، والناس حديثوا عهد بالإسلام). من خطبة رواها الكلبي.