كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[دعوى الفقيه أن أهل التوحيد والعدل قدرية وغير ذلك، والرد عليه]

صفحة 453 - الجزء 3

[دعوى الفقيه أن أهل التوحيد والعدل قدرية وغير ذلك، والرد عليه]

  وأما قوله [أي فقيه الخارقة]: «وقد بينا أن القدرية الذين شبهوا الله بخلقه، وما قدروا الله حق قدره».

  فالجواب: أنه قد مضى ما يدل على أن القدرية: الذين يفردون الله تعالى بخلق كل معصية، وجرم وظلم، وكذب وفحش، وأنه يريد ذلك جميعه، ولا يكره شيئاً منه، فكانوا أحق بهذا الاسم ممن سواهم، فكانوا أحق باسم القدرية، لأنها اسم ذم، ومقالتهم هذه الخبيثة من أعظم ما يحصل به الذم لمعتقده، فكانوا بذلك أولى، على ما قدمنا من الوجوه، ومن الأخبار، الدالة على ذلك من كلام النبي ÷.

  وأما قوله [أي فقيه الخارقة]: «ومع هذا فقد سلكوا في معرفة إثبات الصانع طريقة المجسمة والمشبهة، ولم يقدروا على الانفصال منها، ولم يصح لهم إقامة الدلالة على وحدانية الله تعالى، ولا على وجوب كونه قديماً، بل استدلوا بشيء في ذلك ظاهر الفساد، ومخالف لطريقة أهل الصلاح والرشاد، ولو ذكرنا طريقتهم التي سلكوها، وسبيلهم التي انتهجوها؛ لقضى من اطلع عليها بأنهم مشبهة غير موحدين، ومخالفون الكتاب والسنة، وللسلف الصالح معاندون».

  فالجواب: أما قوله: فقد سلكوا في معرفة إثبات الصانع طريقة المجسمة والمشبهة فقد بينا صحة استدلالنا بالشاهد على الغائب⁣(⁣١)، والجمع بينهما من الطرق الأربع، ومثلنا كل مسألة بمثالها، وبينا أن استدلال المشبهة والملحدة بخلاف ذلك، وهو الاعتماد على مجرد الوجدان، واستقصينا في ذلك، فكيف يستجيز الفقيه أن يتكلم بالكذب الظاهر، لولا قلة الدين والحياء.

  وكذلك كذبه في أن أهل التوحيد لم يمكنهم الاستدلال على وحدانية الله


(١) وذلك في (ص ٥٣/ ط ١/ ج ٣).