كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[بيان شبهة الفقيه: أن الفتح وعدمه لا يدل على أفضلية الفاتح ولا نقص غيره]

صفحة 507 - الجزء 3

  الثياب الدينية، بعد ستر العورة بما يجب سترها به، فمن كان معه ما يستر به عورته، ويجزيه به أداء العبادة؛ كان حينئذ يفاخر بينه وبين آخر كمثله، ومن لم يكن له ما تجزي به العبادة أو كان معه وقد خرقه؛ فلا فائدة في حكاية ما كان يقع به التجمل وقد أتلفه مالكه، فالعناية الشديدة في مسألة الإمامة، وفي حراسة الأعمال الصالحة والاستقامة.

  وقد ذكرنا أن أبانا علياً # أولى بالأمر وأحق بالإمامة، في وقت النبي ÷ إلى وقت وفاته # شهيداً، وسنذكر إن شاء الله تعالى أنها ثابتة في أولاده من فاطمة & دون غيرهم إلى يوم القيامة، وهي الطريقة المثلى، والمنهج القويم.

[بيان شبهة الفقيه: أن الفتح وعدمه لا يدل على أفضلية الفاتح ولا نقص غيره]

  وأما قوله [أي فقيه الخارقة]: «ثم إن محبة عمر للفتح⁣(⁣١) على يديه ولم يكن كذلك؛ ليس ناقصاً من درجته، ولا مسقطاً له عن مرتبته».

  فالجواب: أما قوله: «ليس ناقصاً من درجته» - فلو نظر في الخبر لم يورد ما ذكر، لأنه قال: ما أحببت الإمارة إلا يومئذ، وفي كثير من الروايات: فاستشرف لها كبار الصحابة، كل يريدها لنفسه، وفي بعضها: فأمسى المسلمون يدوكون ليلتهم في هذا الأمر، وذكر في معناها أنهم يديرون الأفكار فيمن هو أهل لهذه الفضيلة، والمرتبة الجليلة، فكيف يقول ليس ناقصاً من درجته.

  وأما قوله: «ولا مسقطاً له عن مرتبته».

  فالجواب: أنه لا يسقط عن الشيء إلا من بلغه، ولو بلغ هنالك لما رجع يجبن أصحابه ويجبنونه، فإن أراد أنه ليس لمن اختصه رسول الله ÷ فضيلة بذلك الثناء، وإيثاره على سائرهم بإعطائه الراية، وإخباره بأنه لا يبرح حتى يفتح الله على يديه، فإن أراد هذا فقوله ساقط لا يقبله العقلاء.


(١) أي فتح خيبر بعد قول النبي ÷: «لأعطين الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله».