[دعوى الفقيه أن لأبي بكر منازل من النبي ÷ لم تكن لأحد غيره، والرد عليها]
  فالجواب عن ذلك من وجهين: أحدهما: أنه كما روي ذلك، فقد روي من فضائل أمير المؤمنين # ما هو أوفى من جميع ذلك، ولو اشتغلنا بذلك لطال الكتاب؛ لأنا لا ننكر - ولا الفقيه في ظننا - أن فضائل أمير المؤمنين # أكثر من أن يأتي عليها الحصر.
  وقد روينا بالإسناد من طريق الإمام المرشد بالله يحيى بن الحسين الجرجاني الشجري # يبلغ به أحمد بن حنبل أنه قال: ما روي لأحد من الفضائل(١) ما روي لعلي بن أبي طالب # ولعلك تجد في أثناء رسالتنا هذه ما يربو على ما وصفت من فضائل علي #.
  والوجه الثاني وهو الأهم: النظر في حفظ المستحق على الطاعات من الإبطال؛ لأنه قد صح بما ورد به الكتاب الكريم والسنة الشريفة، ودلت عليه العقول أن مِلاك الأعمال خواتيمها، وأن المتقدم من الطاعة - إن لم يتعقبه ما يحبطه، ويزيل حكمه ويبطل المستحق عليه - فلا بد أن يصل إليه ما يستحقه من الله سبحانه، مما وعد به المحسنين المستقيمين.
  وكذلك فإن المتقدم من الطاعة - متى تعقبه ما يحبطه، ويزيل حكمه، ويبطل المستحق عليه - فلا بد أن يصل إليه من الله سبحانه ما توعد به المجرمين، من المرتدين، والناكثين، والقاسطين، والمارقين، والظالمين من المعتدين المصرين، ما لم تظهر لأحد منهم توبة تزيل حكم العقاب عنه.
  وعلى الجملة: إن الكلام في أكثر الفضائل هو كلام في التجمل بمحاسن
(١) قال ¦ في التعليق: ورواه الكنجي عن أحمد.
وقال ابن حجر: قال أحمد، وإسماعيل القاضي، والنسائي، وأبو علي النيسابوري: (لم يرد في حق أحد من الصحابة بالأسانيد الجياد أكثر ممَّا جاء في علي #) [قول أحمد بن حنبل: (لم يرد لأحد من الصحابة ... إلخ): رواه الكنجي في الكفاية، وابن حجر في فتح الباري (٧/ ٧١)]. وكذا قال أبو عمر بن عبدالبَّر، إلا أنه لم يذكر أبا علي.