كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[بحث حول قوله تعالى: {لا تحزن إن الله معنا}]

صفحة 515 - الجزء 3

  والثاني: أنه قاس النبوة على الإمامة من غير وجه جامع بينهما، سيما وقد تجوز نبوة من يبلغ الوحي، ولا يجب عليه حرب ولا قتال، فكيف يقول الفقيه: فإنما ألزمته على أصله لكن صدق من قال: الجهل لا غاية له.

[بحث حول قوله تعالى: {لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا}]

  ثم قال [أي فقيه الخارقة]: «وأما ما أورده من التنقيص لأبي بكر الصديق، بقول النبي ÷ فيما أخبر الله ø: {لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا}⁣[التوبة: ٤٠]، فكلام عدو جاهل، لا يحصل مما أراده على طائل، ولم يعلم أن ذمه لأبي بكر مدح، وحرصه على إغلاق باب فضائله فتح؛ فلأبي بكر في هذه الآية من المناقب الجليلة ما ليس لأحد من الأمة مثلها، بل ليس لأحد من أتباع الأنبياء قبل محمد ÷ ما يشبهها، والذي حضرنا ذكره سبع مناقب⁣(⁣١)، نذكرها على وجه الإيجاز والاختصار، ليقر الله بذلك عين السني، ويسخن بها عين الباغض القدري».

  والجواب: أن أكثر ما ذكر له في الجواب أن النبي ÷ قال لأبي بكر: {لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} رداً لقوله: إن أبا بكر كان أشجع من علي #، وكان ينبغي لأبي بكر أن يعتقد أن الله لا يسلم نبيه إلى الكفار، سيما وذلك ينقض الغرض بالبعثة.

  وهو لا يقال للمسرور: لا تحزن؛ فإن كان أبو بكر وقع منه الحزن خيفة على رسول الله ÷؛ فقد غاب عنه أن الله لا يمكن أعداءه من نبيه ÷ حتى يكمل أداء ما يريد من إرساله به؛ لأن الحكيم لو فعل ذلك لكان ناقضاً لغرض نفسه، ومانعاً للمكلفين عما فيه هدايتهم، ورشدهم الذي لا تبلغه عقولهم، من


(١) قال ¦ في التعليق: الظاهر أن الفقيه وكلامه في نحو تفضيل أبي بكر إنما أخذه من كتاب الجاحظ، وقد نقضه العلامة أبو جعفر الإسكافي بما لا مزيد عليه، وكتاب الجاحظ مبني على الانتصار للعثمانية، وتوهين جانب علي #، لكن انتصف الله منه بأبي جعفر حتى قيل إنه كان يصيح: من هذا الذي نقض عليَّ كتابي؟ ذكر هذا ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة فابحث عنه إن شئت تجد الكلام مستوفى.