كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[دعوى الفقيه أن قلب أبي بكر كان أشد من قلب علي (ع) والرد عليها]

صفحة 514 - الجزء 3

  إلا وقد وقع الجواب عنه، وأما الهذيان الذي لا يتكالم به العلماء فلا يجب الجواب عنه.

  وعلم الله تعالى وكفى به عليماً، لولا ما يجب من الجواب، وأنه لا يعدم في كلامه ما يشتبه على بعض السامعين، لكان السكوت عن مكالمته، والتنزه عن إعمال الفكر في محاورته أولى؛ لكن الدنيا دار بلوى.

  وعلى أن الفقيه إن كان صادقاً فيما قال: إنه استدل في دامغته بأدلة واضحة، وإلزامات لا محيص عنها - فلقد كان ينبغي له أن يعيدها هاهنا لوجوه: أحدها: أن الإعادة أهون من الابتداء. والثاني: أن الحاجة إلى تكرير الأدلة لتكرير السؤال بزعمه واجب، ولا يكفي في جواب السائل الإحالة إلى جواب متقدم، وإن كانت الإحالة حقاً.

  والثالث: ليتبين أنه ما وقع له عنها جواب، وأن تاركها بزعمه عجز عن جوابها، ومعلوم أنه ما كان من هذا شيء، وإن كان الفقيه نقلها من كتاب فأقل أحواله أن يكون عارفاً بمواضعها من الكتاب، فيعيد النسخ لها، وإن كان قد فات أو استرجعه أهله؛ فكان الأولى له ستر هذه العورة إلى وقت القدرة والميسرة.

  ثم قال: «وأما قوله [أي محيي الدين]: فهو ينقض قوله [أي فقيه الخارقة]: إن علياً # أولى بالنبوة - فإنما ألزمته ذلك على أصله».

  فالجواب: أنه لما جرى الكلام في ذكر الفضل، ومن جملة ذلك الثبات في الجهاد، وظهر أن علياً # كان أشجع وأثبت قلباً من أبي بكر، عارض الفقيه لقلّة علمه وسعة جهله، بالنبوة فقال: إن كان علي إماماً لأنه أشجع من أبي بكر كان نبياً لأنه أشجع من النبي ÷ هذا مفهوم قوله، وإن لم يتلفظ بهذه العبارة لكن بمعناها، فظهر خطأه من وجهين:

  أحدهما: ما ألزمه في الرسالة، وهو أنه لم يسلّم له أن علياً أشجع قلباً من النبي ÷.