[الخامسة: قول الرسول ÷ لأبي بكر لا تحزن لتقرير قلبه لا لحزنه - والرد عليها]
  بتسمية الله تعالى له صاحب رسول الله، وأي شرف أكبر من ذلك وأعظم».
  فالجواب: أن اسم الصاحب يقع على من أدام خلطة غيره، وربما يكثر استعماله في السفر، ويطلق على المطيع والعاصي، فقد ذكر الله في سورة الكهف الصاحب، وهو مطيع وهو صاحب موسى # وذكر الصاحب العاصي إذ يقول: {فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا ٣٤}[الكهف]، وهي تسمية لغوية لا تفيد بظاهرها مدحاً ولا ذماً، بل بحسب ما يقترن بها من القرائن والشواهد حالاً ومقالاً.
  وقد ورد جميع ذلك في القرآن الكريم، فما في مطلق لفظ الصاحب مما يدل على فضل؛ ما لم ينضف إليه غيره، لولا قلة التأمل.
[الخامسة: قول الرسول ÷ لأبي بكر لا تحزن لتقرير قلبه لا لحزنه - والرد عليها]
  «المنقبة الخامسة: قوله تعالى حكاية عن نبيه ÷: {لَا تَحْزَنْ}[التوبة: ٤٠]، ولم يكن من أبي بكر حزن لجزع جزعه، أو لشك ارتاب به في أمر رسول الله ÷ حتى كان ذلك جواباً لحزنه وجزعه، وقلة ثقته بوعد الله؛ لكن قال له رسول الله ÷ ذلك ابتداء؛ لتقرير وعد الله عنده، وإعلامه أن الله معنا.
  لأن رسول الله ÷ يعلم من الله ما لا يعلم أبو بكر، فأعلمه رسول الله ÷ بما أعلمه الله، وكفى بذلك شرفاً أن ينزل الله الوحي على رسول الله ÷ بتقرير قلب أبي بكر على انفراده وتثبيته، وإن لم يكن منه جزع ولا حزن.
  ولأنه إذا وجد الحزن من أحد لم يكن يُسليه لا تحزن، بل بكلام آخر غير هذا، مما يذهب ما عنده ويسليه».
  فالجواب: أنه جعل هذه المنقبة تفسيراً بزعمه لمعنى: {لَا تَحْزَنْ}، فناقض في تفسيره، فلا أصاب في اللفظ ولا في المعنى.
  وبيانه: أنه قال: ولم يكن قوله: {لَا تَحْزَنْ} من جزع جزعه، أو شك ارتاب