[السابعة: جعل السكينة المذكورة لأبي بكر فقط - والرد عليها]
  ثم يقال له: فهذه السكينة هي اللطف والتأييد، وما عنده يثبت على صحة الاعتقاد بالموعود، أو سوى ذلك؟
  فإن قال: هو الأول؛ قيل له: فهل يجوز منه خلاف ذلك، أو يقطع بحصول هذه السكينة على عصمته؛ فإن قال بالأول جوز أن ما وقع منه من التخليط في الإمامة، خالف به السكينة النازلة عليه.
  وإن قال بالثاني: أثبت عصمته وكذبه في قوله: وليتكم ولست بخيركم، وقوله: إن لي شيطاناً يعتريني فإذا زغت فقوموني، وغير ذلك مما يخالف فيه عصمته إن ادعاها هذا الفقيه، أو ادعى معناها.
  وأما قوله: ألقم جحر الأفعى عقبه؛ فليس في الأثر أنه جحر أفعى، وإنما هو جحر خشي أن تكون فيه هامة، وأين هذا ممن اتقى بجبينه شفار السيوف، وشبا(١) الأسنة، وقاية لرسول الله ÷؟ ونام على فراشه يتوقع صولة المشركين عليه بحيث رغب لأن يقيه؟
= وما مثله في الناس إلا مملَّكاً ... أبو أمه حيٌ أبوه يقاربه
وأما قول الفقيه: فلم تكن السكينة تفارق النبي ÷.
فإنه ليس يمنع من إنزال سكينة على النبي صلى الله عليه وآ له وسلم أخرى، فإن الظاهر أن السكينة تنزل وتتواتر على حسب ما يقتضيها من المهمات.
وبعد فقد قال الله تعالى: {ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ}[التوبة: ٢٦]، وثم للتراخي فما أجاب به فهو جوابنا، وقد أنزل الله السكينة المرادة في هذه الآية على السبعة من بني هاشم وابن أم أيمن الذين ثبتوا يوم حنين. وأبو بكر ممن فرَّ فلم تنزل عليه، وكان أحوج إليها من يوم الغار؛ لئلا ينتظمه الوعيد على الفرار تأمل.
والسبعة الذين ثبتوا مع الرسول ÷ يوم حنين: علي، و العباس، والفضل بن العباس، وأبو سفيان بن الحارث، وابنه جعفر، وربيعة بن الحارث، وأسامة، والثامن ابن أم أيمن ابن عبيد، قال هذا ابن إسحاق. ومن شعر العباس قوله:
نصرنا رسول الله في الحرب سبعة ... وقد فرّ من قد فر عنه وأقشعوا
وثامننا لاقى الحمام بسيفه ... بما مسه في الله لا يتوجع
(١) شبا الأسنة: شباة كل شيء حد طرفه. تمت مختار.