كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[الخامس: (تبليغ سورة براءة)]

صفحة 530 - الجزء 3

  الناس، ويكف بعضهم عن بعض، فدخلت خزاعة في عهد النبي ÷، ودخلت بنو بكر في عهد قريش، وكان مع هذا عهود بين رسول الله ÷ وبين قبائل من العرب وتقابض، فعدت بنو بكر على خزاعة، فقتلت منها، ورفدتهم قريش بالسلاح.

  فلما تظاهر بنو بكر وقريش على خزاعة، ونقضا عهدهم، خرج عمرو بن سالم الخزاعي حتى وقف على رسول الله ÷ فقال شعراً:

  يَا رَبُّ إنِّي نَاشِدٌ محمَّداً ... حِلْفَ أبينَا وأَبِيْهِ الأتْلَدَا⁣(⁣١)

  كُنْتَ لَنَا ربّاً وكُنَّا وَلَدَا ... ثَمَّتَ أسْلَمْنَا ولَمْ نَنْزَعْ يَدَا

  فَانْصُرْ هَدَاكَ اللهُ نَصْراً مُؤيدا ... وادعُ عبادَ اللهِ يأتُوا مَدَدَا

  فيهم رسولُ اللهِ قَدْ تَجَرَّدَا ... أَبْيَضَ مثلَ السَّيْفِ يَنْمِي صَعَدَا

  إنْ سِيْمَ خَسْفاً وجههُ تَرَبَّدَا ... في فَيْلَقٍ كالبَحْرِ يَجْرِي مُزْبِدَا⁣(⁣٢)

  إنَّ قريشاً أخْلَفُوكَ المَوْعِدَا ... ونَقَضُوا مِيْثَاقَكَ الْمُؤَكَّدَا

  وزَعَمُوا أنْ لَيْسَ نَدْعُوا أَحَدَا ... وهم أذَلُّ وأَقَلُّ عَدَدَا

  هُمْ بَيَّتُونَا بِالْحَطِيْم هُجَّدَا ... وقَتَلُونَا رُكَّعاً وسُجَّدَا

  فقال رسول الله ÷: «لا نصرتُ إن لم أنصركم»، وخرج وتجهز إلى مكة، ففتح الله مكة، وهي سنة ثمان من الهجرة.

  ثم لما خرج إلى غزوة تبوك، وتخلف من تخلف من المنافقين، وأرجفوا الأراجيف، جعل المشركون ينقضون عهودهم، وأمرهم الله بإيفاء عهودهم إليهم ليأذنوا بالحرب، وذلك قوله ø: {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً


(١) الأتلد: القديم.

(٢) سيم خسفاً: أُوليَ ذُلاً.