كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[الخامس: (تبليغ سورة براءة)]

صفحة 531 - الجزء 3

  فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ}⁣[الأنفال: ٥٨].

  فلما كان سنة تسع أراد رسول الله ÷ الحج، ثم قال: «إن يحضر المشركون فيطوفون عراة، ولا أحب أن أحج حتى لا يكون ذلك» فبعث رسول الله ÷ أبا بكر تلك السنة على الموسم ليقيم للناس الحج وبعث معه أربعين آية من صدر براءة، ليقرأها على أهل الموسم.

  فلما سار دعا رسول الله ÷ علياً # فقال: «اخرج بهذه القصة⁣(⁣١) من صدر براءة، وأذن بذلك في الناس إذا اجتمعوا» فخرج علي # على ناقة رسول الله ÷ العَضباء، حتى أدرك أبا بكر بذي الحليفة وأخذها منه.

  ورجع أبو بكر إلى النبي ÷، فقال: بأبي أنت وأمي يا رسول الله أنزل في شأني شيء؟ قال: «لا، ولكن لا يبلغ عني غيري أو رجل مني».

  قال الثعلبي: قال الشافعي: حدثني محرز بن أبي هريرة، عن أبيه، قال: كنت مع علي حين بعثه النبي ÷ ينادي، فكان إذا صحل⁣(⁣٢) صوته ناديت، قلت: بأي شيء كنتم تنادون؟ قال: بأربع، لا يطوف بالكعبة عُريان، ومن كان له عند رسول الله ÷ عهد فعهده إلى مدته، لا يدخل الجنة إلا نفس مؤمنة، ولا يحج بعد عامنا هذا مشرك؛ فقال المشركون: نحن نبرأ من عهدك وعهد ابن عمك إلا من الطعن والضرب، وطفقوا يقولون: اللهم إنا قد منعنا أن نتبرك.

  ثم لما كانت سنة عشر حج النبي ÷ حجة الوداع، وقفل المدينة، ومكث بقية ذي الحجة ومحرم وصفر، وليالي من شهر ربيع الأول، حتى لحق بالله ø.


(١) القصَّة: الجملة من الكلام. و - الحديث، و - الأمر، و - الخبر، و - الشأن. تمت معجم.

(٢) صَحِل فلان صَحَلاً: كان في صوته بُحَّة. تمت معجم.