[دعوى الفقيه: أخذ أبي بكر للخلافة يلزم منه شجاعته - والرد عليها]
  يحبه، ويلائم عقيدته، فلذلك لم نوسع في ذلك كما فعل غيرنا.
  وعلى أن الغلبة ليست دلالة على الحق؛ لأن المحق قد يُغْلب، والمبطل قد يَغْلِب، ولهذا بطل مذهب من يدعي أن طريق الإمامة القهر والغلبة.
  وأما ما حكاه من ذب أبي بكر عن حوزة الإسلام في وقت النبي ÷ فلسنا ننكر ذلك، ولا نكرهه، وكذلك ما فعله بعد النبي ÷ ولو لم يفعله لاختل عليه أمره.
  فأقول والله المعين: أول ما في هذا أن الرجل كذب علي فيما نقل، لأني قلت: يلزم من اعتقد أن الخلافة بعد النبي ÷ في علي # أن أبا بكر أشجع من علي ضرورة، وأي شجاعة تزيد على هذه، حيث غلب علياً وبني هاشم وهو وحده».
  فالجواب: أن الفقيه لا يستحي مما يقول، ولا يراعي حكم الأصول، أفليس روايتنا من أول الكلام في هذه الرسالة؛ بأن أبا بكر غلب علياً لاجتماع الأكثر عليه، فهذا قولنا. وقولك: إن الأمة أجمعت كلها عليه، فبان بعد هذا من دعواك: أنا نعتقد أن أبا بكر غلب علياً وحده، وعلي في بني هاشم؛ فاعجب أيها السامع من هذا.
  ولكن الفقيه لوقاحته وقلة حيائه ودينه يتعجّل التكذبة لمن لم يكذب؛ لأنه أعاد ما حكاه عمَّن كذبه مثل ما قال، فكيف يستحسن العقلاء هذه الطريقة المخالفة للعقل والشرع، ومع ذلك يعده جواباً.
  ثم قال: «وأما قوله [أي محيي الدين]: فهو كلام لا يلائم العقول، لأنه ما استظهر على الأمر بنفسه - فأقول(١): ليت شعري لأي معنى وافقته المهاجرون والأنصار، وأنت تزعم أنه لم يبايعه إلا عمر، وبشير بن سعد، وأبو عبيدة، فمن الناس الذين استظهر بهم على علي # وسائر بني هاشم؟ وكيف استمال أبو
(١) القائل فقيه الخارقة.