كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[الكلام على حديث: «لا يبغضنا إلا أحد ثلاثة ...» إلخ]

صفحة 609 - الجزء 3

  فالجواب: أن ألفاظ الفقيه في مدح أهل البيت $ مشروطة في الموافقة في الاعتقاد، فهل أراد بذلك اعتقاد أن الله تعالى خلق كل ظلم وفساد، وكفر وعناد، من أول الدنيا إلى آخرها؟! أو يريد أنه تعالى يخلق أفعاله التي هي حكمة وصواب، من السماوات والأرض، والملائكة والإنس والجان، وسائر الجماد والحيوان.

  فإن أراد الأول فذلك كفر بلا مرية، وأهل البيت $ من اعتقاده أبرياء، فكأنه يعتقدهم⁣(⁣١) بشرط أن يكونوا كفاراً، شرف الله حالتهم أجمعين عن ذلك.

  وإن أراد الموافقة على اعتقاد توحيد الله تعالى وعدله، وصدق وعده ووعيده، واتباع أوامره والانتهاء عن زواجره، والنبوة والإمامة، وما يتبع ذلك من أحوال القيامة، من البعث والنشور، والحشر والحساب، والميزان والصراط، وإنطاق الجوارح بالأعمال، والشفاعة لمن ¥ من المؤمنين بالزيادة في مراتب المحسنين، والخلود في الجنة للمطيعين، والخلود في النار للعاصين؛ فذلك هو الحق الذي لا يعدل عنه، ولكن قد جرى في كلام الفقيه أنه يريد بذلك القسم الأول.

  وكذلك ما اشترطه في موالاتهم $ من ترك بغضة أبي بكر وعمر، إن أراد اعتقاد إمامتهم، وأنهم أحق بها من أمير المؤمنين –سلام الله عليه - فهذا شرط لا يسلم، فلا يمكن أن يظن بأهل البيت $؛ إذ في ذلك مخالفة النصوص الواردة في إمامته # من الكتاب والسنة، وهم أحق من اتبعها، وأولى من التزم بها، ومنهم اقتبس النزاع دونها، والقراع لكل جاف الطباع، خبيث ليس بخاش ولا مراع،

  أَصْبَرُ نَفْساً على الدَّنَايَا ... مِنْ طَالِبيٍّ على الْقِرَاعِ⁣(⁣٢)

  وإن أراد أنه لا يقطع على كفرهم ولا فسقهم، مع ثبوت الخطأ منهم في التقدم على من هو أحق بالأمر منهم، وهو أمير المؤمنين علي #؛ فذلك هو


(١) أي يواليهم.

(٢) الدنايا: جمع دنية وهي النقيصة. تمت المعجم الوسيط

القراع: قرع الفحل الناقة قرعاً وقِراعاً بالكسر، والثور قِراعاً: ضربا. تمت قاموس