كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[دعوى الفقيه أن اعتقاده موافق لاعتقاد النبي ÷ وأهل بيته دون ما أحدثه من بعدهم]

صفحة 610 - الجزء 3

  اللازم من جهة النظر عندنا، ولكل من نظر، والمعامل في مسائل الاعتقاد وسواها هو رب العالمين سبحانه، وهو أعلم بما تكن صدورهم وما يعلنون.

  وأما رده من السمة لمخالف أهل البيت وباغضهم، بما وسمه رسول الله ÷، ونظمه العلماء من معناه، ومن جملته أبيات الصاحب بن عباد، التي حكاها عن الخليل بجهله بذلك، ورده إلى بغضة إمامه العباسي.

  فالجواب: أنه لو دل الدليل على إثباتها لولد العباس لكان الواجب اعتقاده، بل دل الدليل أنها في ولد الحسن والحسين @ بما قدمناه.

[دعوى الفقيه أن اعتقاده موافق لاعتقاد النبي ÷ وأهل بيته دون ما أحدثه من بعدهم]

  وأما قوله [أي فقيه الخارقة]: وكونه معتقداً لما يعتقده النبي ÷ وأهل بيته الطاهرين، تاركاً لما أحدثه المبتدعون بعدهم من الخلاف والشقاق.

  فالجواب: أنه إن أراد باعتقاد النبي ÷ ما قدمنا من توحيد الله وعدله، وتنزيهه عن قبائح المعاصي؛ فنعم ما اعتزى إليه عباسي وسواه.

  وإن أراد أن الله تعالى خالق كل قبيح ومخزية، وكفر وعبادة صنم، وكذب وزور، وتلبيس وغرور، فبئس المعتقد ما ذكرت، فليس ذلك بمكمل خصال الإمامة، بل يجب أن يتنزه عن اعتقاده عقلاء الأمة فضلاً عمن يزعمه من الأئمة.

  وعلى أن على مذهب الفقيه كلا القولين الخطأ والصواب عنده هو قضاء الله وقدره، فإن سخط أحد القولين وهو قولنا بزعمه؛ كفر بإجماع علماء الأمة: أن من أنكر قضاء الله وقدره وسخطه فهو من الكافرين، ولأنعم الله من غير الشاكرين، فهو ومقالته هذه الفاسدة، وعقيدته التي عند آل محمد - سلام الله عليهم - كاسدة، كما قال الشاعر:

  تَلَجْلَجُ مُضْغَةٍ فيها أَنِيصٌ ... أَضَلَّتْ فهي تَحْتَ الكَشْحِ دَاءُ⁣(⁣١)

  فكيف يعيب فعل رب الأرباب، إن هذا هو العجب العجاب، وكيف يعيب


(١) التلجلج: التردد. والنيص: الحركة الضعيفة. والكشح: ما بين الخاصرة والضلوع. تمت المعجم الوسيط.