[دعوى الفقيه أن الشفاعة لمن قد دخل النار وأننا ننكر الشفاعة – والرد عليه]
  وأما ادعاء جهل من خالفه، فكل فريق يدعي أن مخالفه جاهل، كما أن كلاً ينظم مذهبه في ذلك، فلا فائدة في مقابلة مذهب بمذهب بغير حجة لا نظماً ولا نثراً.
[بيان ما يجب حمل الأخبار الواردة في الصحابة عليه]
  ثم قال: «وأما قوله [أي محيي الدين]: وما حشا به من ذكر فضائل كثير من الصحابة، فما صح منها لم يناف اعتقاد أهل الحق ... إلى آخر كلامه - فلم(١) أذكر إلا فضائل أبي بكر وعمر وعثمان، وقد أوهم هاهنا أنهم غير مستقيمين على الحق، ولقد كان الواجب عليه أن يذكر فضائلهم، ويتكلم عليها إن كان عنده علم، فأما التعريض بسبهم بمجرد الهوى فليس ذلك من فعال أهل الدين، ولا الإنصاف، والله المستعان».
  فالجواب: أنا قد قدمنا ما الذي يجب حمل الأخبار الواردة في الصحابة عليه، سواء كانوا الثلاثة أو سواهم، وجملة الأمر أن الكلام مبني على مسألة الإمامة، فإن صحت إمامة علي # دخل الإشكال في بقاء استحقاقهم لما كانوا مستحقين له قبل تلك الأحداث، وإن صحت إمامتهم وتقدمهم على أمير المؤمنين # فحكمهم باق، فما شهد لهم به رسول الله ÷ في سائر ما يستحقونه على تلك المساعي الحميدة، فالشأن كله في ملاحظة الأدلة، ولم نقل ذلك تبرياً عن سماع الأخبار، ولا كراهة ما ورد منها؛ لكن حكينا أن هذا أصل يرجع الكل إليه، ومن الله سبحانه نستمد المعونة والتوفيق لما يرضى.
[دعوى الفقيه أن الشفاعة لمن قد دخل النار وأننا ننكر الشفاعة – والرد عليه]
  وأما قوله: «قال القدري: وأما دعواه [أي فقيه الخارقة] أن الشفاعة لا تكون إلا لمن يستوجب النار - فهو(٢) خبط منه في عظيم الخطب؛ لأن الشفاعة قد تكون لزيادة النفع، كما تكون لدفع الضرر، وهي مأخوذة من الشفع الذي هو الزوج دون الوتر، فكأن الشفيع ينضم إلى المشفوع له، سواء كان لنفع أو دفع، وقد قال الشاعر:
(١) بداية كلام فقيه الخارقة.
(٢) بداية جواب الشيخ محيي الدين ¥.