[هذا البيت للحطيئة]
  الذم والإهانة واللعن بالإجماع، ما لم تظهر له توبة، وقد قال الله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ٢ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ٣ أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا}[الأنفال].
  وقال تعالى: {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ}[الحجرات: ١٤].
  وبيان هذا الأمر كله: أن الإيمان اللغوي والإسلام اللغوي يستوي فيهما المطيع من المقرين والعاصي، والإيمان والإسلام الشرعيين يستوي فيهما أهل المدح والتعظيم، ولهذا تجد في موضع أن الإسلام غير الإيمان، مثل ما ذكر تعالى هاهنا، وتجد في مواضع أن معنى أحدهما هو معنى الآخر، مثل قوله تعالى: {فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ٣٥ فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ٣٦}[الذاريات]، فأبدل في الاستثناء إحدى العبارتين عن الأخرى، لما كان معناهما واحداً.
  وقال تعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ}[آل عمران: ١٩]، وقال تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ٨٥}[آل عمران]، ولا شك أن الإيمان مقبول، وأن المؤمن ليس بخاسر.
  فلا سلامة من تدافع هذه الآيات إلا بالقول: إن الإيمان الشرعي هو الإسلام الشرعي، وإن الإيمان اللغوي هو غير الإسلام اللغوي، وقد ورد القرآن الكريم بذلك؛ ومتى تحققت هذا الأصل سقط استدلالك من أصله.
  وأما ما عقب به من قوله في الكفار: {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ ١٥}[المطففين]، دل ذلك على أن المؤمنين غير محجوبين.
  فالجواب: أنه يقال له: أتريد غير محجوبين عن ثوابه ø، وحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه، فهذا ثابت للمؤمنين الجامعين لخصال الإيمان، لأن عند من قال بدخول الفساق الجنة بالشفاعة أنهم يدخلونها تفضلاً عليهم.