[إبطال الإمام # دعوى الفقيه تواتر الشفاعة لأهل الكبائر وتفنيد رواياته]
  بالتوبة، وزيادة مثقال حبة، ومثقال ذرة، أو أدنى من مثقال حبة من خردل، وفائدة تخصيصهم أنهم يردون يوم القيامة فقراء، فيكون موقع الشفاعة في حقهم أخص، ويوافق هذا سائر الآيات التي ورد فيها الوعيد، وتعقبها الاستثناء بالتوبة.
  وأما النوع الآخر من صفة الخارجين من النار، فيلزم في حقهم مثل ما ألزمناه، من أنها تكون للكفار والفساق من الأمم كلها، أو من الفساق من جميعهم؛ إذ جاهه ÷ ومروءته وكثرة رحمته لعباد الله تسع الجميع، ولأن في قلوب الكافرين من أهل الكتب المتقدمة من الإيمان أكثر من مثقال حبة خردل، مثل اليهود والنصارى يؤمنون بالله تعالى وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، فعلى هذا يخرجون من النار، ولا قائل بذلك.
  ثم إن سلمنا جميع ذلك، وتركنا ما يرد عليه مما قدمنا مما لا محيص عنه، تأولناه على وجه يوافق أدلة السمع من القرآن الكريم، من قوله تعالى: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ٢٣}[الجن]، وغيرها من الآيات، التي ذكر فيها التأبيد للعاصين والفاجرين، وهو اسم جمع يعم الكفار والفاسقين، وقد بينا ذلك فيما تقدم.
  ويوافق الأخبار المروية عن النبي ÷ من خلود الفساق من هذه الأمة في النار، وقد قدمنا منها جانباً قوياً في موضعين اثنين، وبينا طريق رواية جميعها، ولم نهملها كما فعل الفقيه في هذه الأخبار، فإن فيما قدمنا ما يبطل به ما ادعاه من إخراج قوم من النار، مثل قوله ÷ في حديث القصاص وقد تقدم: «فإن أخذ واحدة ثم تعدى ذلك فله النار خالداً مخلداً فيها أبداً».
  وفي خبر ابن عباس: «ستة لا يدخلون الجنة أبداً، العاق، والمدمن، والجعثل، والجواض، والقتات، والعتل الزنيم» والجعثل: الفظ الغليظ، والجواض: من جمع المال ومنع.