كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[إنكار الفقيه لقول الرسول ÷: «لا يبلغ عني إلا رجل من أهل بيتي» - والرد عليه]

صفحة 674 - الجزء 3

  وكيف يصح ذلك عن رسول الله ÷ وعامة من بلّغ عنه غير أهل بيته، منهم أسعد بن زرارة، بعثه النبي ÷ إلى المدينة يدعو الناس إلى الإسلام، ويعلم الأنصار القرآن، ويفقههم في الدين، وبعث العلا بن الحضرمي إلى البحرين في مثل ذلك، وبعث معاذ بن جبل إلى اليمن، وأبا موسى الأشعري إلى بعض بلادها أيضاً، وعتاب بن أسيد إلى مكة.

  فأين قول من زعم أنه لا يبلغ عنه إلا رجل من أهل بيته، والمشهور أن أبا بكر هو الذي أقام للناس الحج تلك السنة، وعلمهم المناسك، وكان علي # يصلي خلفه، ويتبع أمره، إلا أن هذه السورة لما نزلت بعد خروج أبي بكر، ولم يكن أبو بكر تلقنها من النبي ÷، احتاط النبي ÷ في تبليغها على لسان علي؛ إذ كان بحضرته، وتلقنها من فيه:

  وللنَّاسِ بَعْدَ الفَتْحِ حَجَّانِ فَاسْتَمِع ... مَقَالَةَ حَقٍّ لا مَقَالَ تَعَصُّبِ

  فَوَاحِدَةٌ للنَّاسِ حَقّاً أقَامَهَا ... عَتِيْقٌ وأخْرَى للنَّبِيّ الْمُطَيَّبِ

  أقَامَ لَهُمْ حَجّاً بِأَمْرِ مُحَمَّدٍ ... وَصَلَّى بِهِمْ تِسْعاً ولَمْ يَتَعَقَّب

  فهذا جملة ما ذكره في دامغته، التي حكى أنه ذكر الحديث، وتكلم على معناه، وأوضح ما زعم مورده أنه حجة له بأنه ليس بحجة.

  والجواب: أما إنكاره لقوله: «أمرت أن أبلغها أنا أو رجل من أهل بيتي»، أو قال: «لا يبلغ عني إلا رجل من أهل بيتي»، أن الثقات من أهل الحجاز لم يذكروا فيه هذه الزيادة.

  والجواب: أنا قد بينا صحة روايتنا لهذا الخبر فيما تقدم مسنداً متصلاً بالنبي ÷، وهو أدنى الأخبار من هذا الباب، لأنه اتصل به ما كان من خزاعة، وأخباره ÷ إلى وقت الوفاة، وسنذكر هاهنا ما هو من جنسه، وفيه بيان صحة ما أنكره الفقيه من الزيادة.