[بيان القدرة والمشيئة]
  يتولاه ولا يقدر عليه، إنما يتولاه غيره وهو في معزل عنه.
  فالجواب [المنصور بالله]: ما قدمنا مكرراً أن المنة منه سبحانه بالإقدار على الفعل، والعبد هو الفاعل، وباللطف الذي يختار عنده العبد الفعل، وكذلك التوفيق والتسديد، وكذلك الحكم للمطيع بالإجلال والتعظيم لأجل إيمانه الذي فعله وتسميته بأنه مؤمن، والحكم على العاصي بالذم والاستخفاف والإهانة لأجل فعله الذي هو المعصية وتسميته بأنه عاص.
  وعند المجبرة، أن الطاعة والمعصية فعله تعالى، فلا يحكم على أحد بمدح ولا ذم لأن الفعلين منه تعالى على قولهم.
  وأما قوله [أي الفقيه]: ولو أراد توليه لم يقدر على ذلك أصلاً.
  فالجواب [المنصور بالله]: ما بينا أن الله تعالى قادر من كل جنس على ما لا يتناهى، وهو تعالى الذي أقدرنا على أفعالنا، بأن خلق القدرة لنا عليها، ولطف بنا في فعل الطاعة، وزجرنا عن فعل المعصية.
  فإن أراد أنه تعالى يخلق نفس أفعال العباد فهو ما أبطلناه آنفاً، فكيف يعتمد على التكرار في كثير من مسائله، وقد بينا أن مقدوراً واحداً بين قادرين لا يجوز، سواء كانا قادرين بقدرة، أو لذواتهما، أو أحدهما قادراً بقدرة والآخر قادراً لذاته، فلا وجه لإعادته.
  وأما قوله: على وجه التهجين [أي الفقيه]: ولولا أن صاحبنا من أهل التحصيل لما أورد ما ينقلب عليه أوضح الإنقلاب، فميزوا بين الكلامين وتبصروا يا أولي الألباب.
  فالجواب [المنصور بالله]: أنه إنما يصح القول بالقلب للسؤال، والتميز بين الأقوال، عند من قال بأن العباد محدثون لهذه الأفعال، فأما إذا كان تعالى هو
= عليه، وقوله: إنما يتولاه غيره أي غير صاحب المنة وهو العبد؛ فأجاب عليه الإمام #: أن المنة منه سبحانه بالإقدار على الفعل ... إلخ. اهـ لا يستقيم الكلام إلا على هذا؛ فتأمل والله تعالى ولي التوفيق. تمت من الإمام الحجة/مجدالدين بن محمد المؤيدي #.