[معنى معشر السنة والجماعة]
  أقوى في إضافة الفعل إلى الله تعالى، وكأنه يفارق جهماً من حيث إنه أضاف القبيح إليه تعالى من وجهين، وأضافه جهم إليه سبحانه من وجه واحد.
  وأما قوله [أي الفقيه]: ومشيئته فهي متعلقة بمشيئة الله تعالى وقدرته فهو الخالق والمطهر.
  فالجواب [المنصور بالله]: أنه ليس وراء هذا تصريح بالجبر أولى منه، فلا فائدة في انفصاله من شيخه جهم، إلا من حيث إنه أضاف الفعل إليه تعالى من وجهين، وهو أقوى من إضافته إليه من وجه واحد.
  ثم قال [أي الفقيه]: وأما قوله [أي القرشي]: فلا معنى للمنة بشيء هو المتولي له ولأصله وفرعه؛ فقول باطل ولو عكس لأصاب، يقول: بل له المنة العظيمة لتفضله بشيء يقدر عليه ولا يقدر عليه أحد من خلقه.
  فالجواب [المنصور بالله]: أن الكلام وقع في التطهير، فإن كان هو خلق الفعل فلا منة على العبد في أنه طهره بل يكون تعالى مطهراً لنفسه؛ لأن التطهير إن رجع به إلى فعل الطاعة فهو فعله تعالى عنده.
  وإن رجع به إلى اللطف والتوفيق والتسديد، فكيف يقال: وفق العبد لما يفعله هو تعالى، فكأنه تعالى يوفق نفسه، ويلطف بها ويسددها.
  وإن رجع به إلى الحكم، فكيف يحكم بطهارة الإنسان لما خلقه تعالى فيه؟ وما الفرق بين من فعل فيه الإيمان ومن فعل فيه الكفر؟ إذ ليس يضاف إليهما إلا وجود الفعل منه تعالى فيهما كما يقول جهم، ويكون حلول الطاعة في المطيع، والمعصية في العاصي كحلول السواد في الزنجي، والبياض في الرومي؛ فكما لا يتوجه إليهما في اللونين تطهير ولا غيره، كذلك هاهنا وذلك ظاهر لا يخفى.
  وأما قوله [أي الفقيه]: لكن على أصل هذا القدري لا معنى للمنة بشيء(١)
(١) (لا) ظ. تمت (نخ).
(*) المعنى يستقيم بحذف (لا) من (يتولى) و (يقدر)؛ لأن الكلام من فقيه الخارقة فيطابق ذلك جواب الإمام، فمعنى كلام الفقيه أنه لا منة على العبد لله على مذهب العدلية؛ لأنه الذي يتولى الفعل ويقدر =