[معاوية الفئة الباغية]
  ثم كان مما حشاه في قاعدته هذه بزعمه مدح الصحابة عامة، لزعمه أن معاوية باق على حالة الصحابة المرضي عنهم.
  ثم قال في أثناء ذلك: وقد كان لمعاوية شبهة وتأويل في طلبه قتلة عثمان، فكانوا في جيش علي، ولم يكن علي يسلمهم، وعلي معذور.
  ثم قال بعد ذلك: إن معاوية جعل يسبح ويذكر الله ويبكي عند موته، وزعم أن ذلك توبة؛ ثم حكى أن آخر خطبة خطبها والوصية بغسله، والصلاة عليه، وأوصى بأن يدفن في أنفه وفمه وعينيه وأذنيه قراظة، قال كانت عنده من شعر النبي ÷ وأظفاره، وأن يكفن في ثوب قال كان عنده من ثياب النبي ÷.
  وقال في آخر وصيته في خطبة: فخلوا معاوية وأرحم الراحمين، وقال: وهذا يصح عند الموت وانقطاع الأعمال، وهذا كله في الجنبة الأولى من الاعتذار بزعمه لمعاوية.
  والكلام(١) عليه في ذلك بحسب هذا الموضع: أن إقراره بصحة قوله ÷ لعمار بن ياسر: «تقتلك الفئة الباغية» اعتراف ببغي معاوية، وأنه يقتل عماراً العبد الصالح ظالماً له، وأن الشهادة في ذلك لعلي بأنه على الحق في حرب معاوية وحزبه، وفيه بيان معجزة النبي ÷ لأنه أخبر بذلك قبل إسلام معاوية فكان الخبر كما أخبر، وجميع ذلك ظاهر في كلامه فقد كفانا مؤنة نفسه في ذلك لو عقل ما قال.
  وأما ما ذكر من أفعال معاوية في وقت النبي ÷ من الخدمة والنصيحة، وغير ذلك مما لو صح منه فعله وقصده، فقد أحبطه بآخر فعله في خروجه على إمام الحق، وقتل أفاضل الصحابة، وإظهار مذهب الجبرية القدرية.
  المقتول مع علي # خمسة وعشرون بدرياً، في خمسة وعشرين ألف مسلم
(١) بداية جواب القرشي على الفقيه.