[معاوية الفئة الباغية]
  قتلهم معاوية وجيشه يوم صفين؛ فأي صلاح يعزى إلى من هذه حاله لولا قلة المعرفة بأحوال الدين؟
  وما ذكر من أن معاوية جعل يسبح عند وفاته، ويوصي في تكفينه وغسله وتجهيزه، ودفن شعر النبي ÷ وقصاصة أظفاره في حواسه، والصلاة عليه - فالتعبد وارد بأن يظهر التوبة والندم على ما فَرَّط وقَدَّمَ، ويصرح بذلك، ويطلب التلافي بما أمكنه إصلاحه، ويعترف بالخطأ والتقصير في حق من قصر في حقهم وظلمهم من أهل البيت $ وغيرهم، ويطلب التخلص مما وجب عليه في دم أو عرض أو مال، ويظهر العزم على أن لا يعود إلى ما تاب منه بحال، ولم يفعل معاوية شيئاً من ذلك.
  فكيف وقد أسس الكفر ووطد الظلم، بالبيعة لابنه يزيد اللعين، حتى كان منه ما كان من قتل الحسين بن علي @.
  فأما إظهار الجزع عند الموت من هذه الأمور؛ فلا يعد توبة مع فعله لما ذكرنا من الخلال القبيحة، فليراجع النظر في هذه الأقوال.
  فأقول [أي: الفقيه] ومن الله العون والتوفيق: لقد سلك هذا الرجل غير طريقة الإنصاف، ولعمري لقد سلكها في مواضع كثيرة من رسالته؛ لأنه لم يجد أسهل منها، وذلك أني ذكرت في خلال هذه القاعدة أخباراً مأثورة عن النبي ÷ واحتجاجات على ما أنا بصدده، فأغفل ذكر ذلك ولم يذكره، وذكر بعض ذلك لا على جهة النظام والترتيب، ولم يزل سالكاً لهذه الطريقة فيمن هو أفضل من معاوية فكيف في معاوية.
  وأما ما ذكرنا على سبيل الإجمال في مدح معاوية، فقد ذكرت ذلك، وأما يزيد فلم أذكره بفضيلة، ولا قصدت ذكره لغرض دعاني إلى ذكره بانفراده، وإنما جرى ذكره عارضاً في حديث ورد، والمقصود منه غير ما ذكر.