[أول من قال بالجبر]
[أول من قال بالجبر]
  ثم قال [أي: الفقيه]: وأما ما ذكره(١) من إظهاره(٢) مذهب المجبرة القدرية، فلم ينقل ذلك نقلاً صحيحاً، ولا يلزمنا إلا ما صح ونقل؛ فأما أصحاب التاريخ فإنا لا نعتمد على أقوالهم، ولا يجوز لمن يخشى الله تعالى أن يعتمد عليها، ويحكم بما فيها، وأحسن أحوالها أنها إذا صحت جارية مجرى الظن، وقد أمر الله تعالى باجتناب كثير من الظن، وأخبر أن بعضه إثم؛ فإن نقلت لنا نقلاً صحيحاً بسند متصل بأن معاوية فعل كذا وكذا لزمنا الجواب عن ذلك وإلا فلا.
  فالجواب [المنصور بالله]: أن ما حكيناه من قول معاوية بالجبر، نقله علماء الأصول خلف عن سلف، وهو إجماع من رواية أهل البيت $، ولو تقصينا من روى عنه حكاية ذلك لطال بها الكلام، وقد روينا عن الفقيه الأجل العالم زيد بن الحسن البيهقي | وهو شيخ القاضي الأجل عماد الدين أحمد بن الحسن الكني - أسعده الله - وهو شيخ شيخنا القاضي الأجل شمس الدين | وهو يرويه عن شيخه الإمام العالم أبي الحسن علي بن الحسين بن محمد الزيدي شاه سريبحان | في كتابه، وهو المحيط بأصول الإمامة، أنه قال: قال قاضي القضاة في كتابه المغني(٣): إن أبا علي ذكر أن أول من قال بالجبر وأظهره معاوية، فإنه أظهر أن ما يأتيه بقضاء الله ومن خلقه ليجعله عذراً فيما يأتيه، ويوهم أنه مصيب فيه، وأن الله جعله إماماً وولاه الأمر، وفشا ذلك في ملوك بني أمية، وعلى هذا القول قَتَلَ هشامُ بن عبد الملك غيلان |.
  فمن هذا الطريق وما جانسها، مثل رواية القاضي عبدالجبار بن أحمد في كتاب
(١) أي الشيخ محيي الدين.
(٢) أي معاوية.
(٣) كتاب المغني للقاضي العلامة عبدالجبار بن أحمد الهمداني المعتزلي من الطبقة الثامنة من طبقات المعتزلة وهو ستة وثلاثون مجلداً، وقد طبع منه ستة عشر مجلداً. تمت.