[الفقيه لا يعتمد على التواريخ]
  واعتقد الفقيه أنا عصينا في خلافه فأذهب عنا نفاعة النسب، ومعاوية خالف علياً # فأسقط معصيته وخلافه بمجرد الصهر، فهلا أنزل نفسه منزلة علي في تحسين الظن فيمن خالفه، ونحن نحمل النسب والسبب على خلوص الصهرية الطيبة، والنسب الصالح، والسبب المستقيم.
  وأما الكتابة فإنما كان يكتب إذا عدمت الكُتَّاب علي بن أبي طالب، وعثمان، وأبي بن كعب، وزيد بن ثابت، وابنا أبان سعد وخالد، والعلاء بن الحضرمي؛ فإذا عدم هؤلاء كتب.
  وأما أن رسول الله ÷ أردفه خلفه، فقد أردف صفية خلفه وأردف صبية غفارية خلفه مصدره إلى خيبر؛ فأين هذا من حديث الغدير، والمنزلة، والطير، ولو حملنا الخبر على ظاهره لكانت محاربة عائشة لأمير المؤمنين # صواباً، وإذا كانت صواباً كان # مخطئاً، والمسألة بالعكس من ذلك، ولعل الأجمل في ذلك صحة توبتها، والله أعلم بالخواتم.
  وأما قوله [أي القرشي]: وسنورد ما يدل على ما قلنا بأحاديث مسندة متصلة بالنبي ÷، لا تقدر على أن تورد مثلها فيما ادعيت في حق معاوية أبداً.
  قلنا [أي الفقيه]: فلما علم ÷ قتاله لعلي # على الصفة التي ذكرنا وهو بعد في حالة الكفر، فلما أسلم قربه وأدناه، واستكتبه ودعا له، وصار صهراً له، فلو علم النبي ÷ أنه من أهل النار لم يقربه ولم يدنه، ولا دعا له، ولست تقدر على جحد هذا ورده إلا بمكابرة العيان.
  والجواب [المنصور بالله]: ما قدمنا من أن علمه ÷ بعاقبة معاوية لا يمنع من الذي فعله معه ÷؛ لأن المستحق على الفعل لا يكون إلا بعد الفعل.
  وأما تعظيمه على الدوام فذلك لا يجوز، ولو جاز هذا الذي ذكره؛ لجاز تعظيم الكافر الذي يُعلم بخبر الله أنه يؤمن، وتبجيله وإكرامه، ومناكحته واختصاصه به، وذلك باطل.