كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[الفقيه لا يعتمد على التواريخ]

صفحة 73 - الجزء 4

  ثم قال [أي: الفقيه]: هب أنا نزلنا عن قولنا هذا وقلنا: لم يكن منه توبة، وقلنا: قد علم النبي ÷ حال علي ومعاوية، وأن معاوية يقاتله ظلماً له، وبغياً عليه، وأخبر بهذا قبل إسلامه؛ فلما أسلم استكتبه النبي ÷، وأردفه خلفه، ودعا له.

  فالجواب [المنصور بالله]: أنه لا حجة للفقيه في ذلك؛ لأنه كان يجوز له ÷ تقوية الدين وجهاد الأعداء بالكفار، فكيف من أظهر الإسلام، وعِلْمُه ÷ بعاقبة أمره لا يمنعه مما فعله معه؛ لأنه في ذلك الحال غير مستحق لما علم أنه سيفعله، وإنما يستحق العقاب والذم بعد أن يفعل ما يُسْتَحقان به؛ إذ المكافأة بالثواب والعقاب لأجل العلم لا يصح، بل لوقوع المعلوم فاعرف ما ذكرنا.

  وأما قوله [أي: الفقيه]: ثم من أعظم فضائله كونه صهراً للنبي ÷ على أخته أم حبيبة بنت أبي سفيان، وقد قال النبي ÷: «كل سبب ونسب وصهر منقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي وصهري».

  فالجواب [المنصور بالله]: أن رسول الله ÷ لم يتزوج أم حبيبة من أبي سفيان ولا من معاوية، وإنما تزوجها من النجاشي | فالصهر بين رسول الله ÷ وبين النجاشي |.

  ولئن كان معاوية بذلك صهر الرسول ÷ وهو لم يُعْقَد له منه، ولا تزوجها من أبيه - فيكون أخ صفية صهر رسول الله ÷ اليهودي!

  وإذا كان من أعظم الفضائل الصهر لرسول الله ÷، وعصم ذلك مرتكبَ عدواةِ إمامِ الهدى، وسفَّاكَ الدماء - فكيف لا تعصم الولادة والقرابة؟!

  وذكر الفقيه بأنه لا ينقطع، ويحتج علينا بأنا لم نتبع آباءنا، ولا حجة له في ذلك إلا خلافنا له، وهذا معاوية اتبع هواه في عداوة الله ورسوله، وخالف علياً، فلم يقطع سببه ولا نسبه ولا صهره - مع هذا - محبته وموالاته!

  والحديث عندنا صحيح ونحن نرويه، ولكن أهل المعاصي ينسبون إليها،