[بيان معنى الفاسق]
  الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ٢}[الأنفال].
  والفاسق(١) لا يستحق ذلك بل هو مستحق للذم والإهانة واللعن، ولهذا ورد الشرع بإقامة الحد على المصر على سبيل الاستخفاف والإهانة، فلو كان لا يستحق ذلك لما ورد الشرع به قال الله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ}[النور: ٢]، وقال تعالى:
(١) قال ¥ في التعليق: قال المنصور بالله محمد عبدالله الوزير: وقال الوالد محمد في عواصمه: وليس الفاسق يسمى عند أهل السنة مؤمناً على الإطلاق، إنما يسمى مؤمناً بقلبه.
قال ابن بطال في شرح البخاري ما لفظه: وكذا لو أقر بالله ورسوله ولم يعمل الفرائض لا يسمى مؤمناً بالإطلاق، وإن كان في كلام العرب قد يجوز أن يسمى مؤمناً بالتصديق فغير مستحق لذلك في حكم الله تعالى، لقوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ٢ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ٣ أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا}[الأنفال]، فأخبر الله تعالى أن المؤمنين على الحقيقة من كانت هذه صفته دون من قال ولم يعمل، وضيع ما أمربه وفرط، انتهى.
وقال القاضي أبو بكر بن العربي المالكي في عارضة الأحوذي في شرح الترمذي: وقد ذكر اختلاف الناس في المسلم والمؤمن، واشتقاق اسميهما، فاختار أن المسلم من أسلم نفسه من عذاب الله، والمؤمن من أمن نفسه منه. قال السيد محمد بن إبراهيم: وهذا يدل على أن الفاسق لا يسمى مؤمناً على الإطلاق، الخ. كلامه في العواصم.
وقال المقبلي في الأبحاث: الصراط المستقيم أن المؤمن في الشرع من عرف الله ورسوله ÷، وانقاد قلبه لما ينبغي للعارف، وهو ترك الجحد والإباء، وقبول ما أمر الله به من الأفعال والتروك بالقلب ... إلى أن قال: فتشرع الناس طرقاً منها ما لا يؤبه له كالكرامية استغنوا بالاقرار باللسان دون معرفة القلب الخ، واستغنت الأشعرية بالمعرفة الصرفة وتفرع لهم على ذلك أن إيمان أدنى الناس وإيمان جبريل # سواء، ويلزمهم أن يلحقوا فرعون في قومه لأنّ الله قال فيهم: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ}[النمل: ١٤]، وقال في فرعون حكاية عن موسى: {لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ}[الإسراء: ١٠٢]. وقال في اليهود: {فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ}[البقرة: ٨٩]، وقال: {يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ ابناءَهُمْ}[البقرة: ١٤٦]، إلى أخر كلامه، انتهى. قلت: وقول ابن العربي في معنى الإيمان يوافق قول الإمام الناصر الأطروش #.