[فضيلة لحجر بن عدي ومالك الأشتر]
  فقالوا له: توضأ.
  فلما توضأ قال لهم: دعوني أصلي ركعتين، فإني والله ما توضأت قط إلا صليت ركعتين.
  فقالوا له: صل؛ فصلى ثم انصرف فقال: والله ما صليت صلاة قط أقصر منها، ولولا أن تروا أن ما بي جزع من الموت أحببت أن أستكثر منها.
  ثم قال: اللهم إنا نستعديك على أمتنا، فإن أهل الكوفة شهدوا علينا، وإن أهل الشام يقتلوننا، أما والله لئن قتلتموني بها إني لأول فارس من المسلمين هلَّل في أوديتها، وأول رجل من المسلمين نبحته كلابها.
  فمشى إليه الأعور هدبة بن فياض بالسيف فأرعدت فرائصه، فقال: كلا زعمت أنك لا تجزع من الموت فأنا أدعك فابرأ من صاحبك.
  قال: وما لي لا أجزع، وأنا أرى قبراً محفوراً، وكفناً منشوراً، وسيفاً مشهوراً، إني والله وإن جزعت من القتل لا أقول ما يسخط الرب؛ فقتله، وأقبلوا يقتلونهم واحداً واحداً حتى قتلوا ستة.
  وقال فيه: ولما حمل العنزي والخثعمي إلى معاوية، قال العنزي: لا يبعدنك الله
= شرّ قتلة، فبعث به زياد إلى (قس الناطف) فدفن به حياً، تمت من التاريخ باختصار.
أخرج يعقوب بن سفيان في تاريخه والبيهقي في الدلائل عن عبدالله بن زرير الغافقي قال: سمعت علي بن أبي طالب # [يقول]: (يا اهل العراق سيقتل منكم سبعة نفر بعذراء مثلهم كمثل أصحاب الأخدود) فقتل حجر وأصحابه تمت.
قوله في أول الحاشية: فأمر معاوية بقتل ثمانية وتخلية ستة، وأمر بعرض البراءة من علي - قال ¥: قد مرّ الحديث المخرج له أبو سعيد في شرف النبؤة عن أنس وفيه قول النبي ÷: «فمن أحبّ أن يبرأ من الله ومني فليبرأ من علي ... الخ». والأَمْر ما قال علي لأصحابه: (إنه يعرض عليكم سبي والبراءة مني، فأما السب فسبوني فإنه لي زكاة ولكم نجاة، وأما البراءة فلا تبرأوا مني؛ فإني ولدت على الفطرة وسبقت إلى الإيمان) فلا يبعد صحة رواية بعض الشيعة من أن علياً قال: (وأما البراءة مني فمدقة الاعناق) ولذا قال حجر: ولكني لا أقول ما يسخط الرب مع أنه مكره. وقال باقي الشيعة: معاذ الله فلو كان يصح قياساً على النطق بكلمة الكفر لكان ثمَ مساغ، فليتأمل، تمت كاتبها.