كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[أسباب صلح الحسن (ع) ومعاوية، وما حدث بعده]

صفحة 171 - الجزء 4

  يعتقده أحد إلا من لا معرفة له بما جرى من معاندي النواصب والخوارج، وذلك أنه لم يرو أحد من أصحاب الأخبار، ونقلة الآثار أنه # بايع معاوية بالإمامة، وأنه أظهر له في حال من الأحوال فعلاً أو إشارة أو تصريحاً أنه يعتقد إمامته ... إلى آخر كلامه في هذا.

  ثم قال [أي القرشي]: وأما البيعة بالإمامة فما كان معاوية يطمع فيها من الحسن بن علي # ولا بما هو دونها بكثير، وبطل بجميع ما ذكرنا ما هذى به وموّه من تجميل حال معاوية، وهذا واضح بحمد الله ومنه.

  فأقول [أي: الفقيه] وبالله التوفيق: إنا نقول لهذا الرجل أولاً: من سلم لك صحة ما تدعيه من أن الحسن # لم يبايع معاوية، ولا أمر بمبايعته، وتسليم الأمر إليه؟ وهل زدتنا على حكاية حكيتها من مبايعة الناس الحسن بن علي @ وخروجه بالجيش الذي معه، وتفرق الناس عنه، وتركه الأمر لمعاوية اضطراراً.

  ثم أخذت مستدلاً على الجواز بفعل النبي ÷ عام الحديبية؛ فمن وافقك على صحة ما نقلت حتى تحتج على جوازه؟ ولقد ذكرنا في رسالتنا الدامغة قصة المبايعة وصفتها، وأوردنا فيها حديثاً عن الحسن بن علي @ يدل على مبايعته


= فخاذل، وأما الثاني فثائر، ألا إن معاوية قد دعا إلى أمر ليس فيه عِزٌّ ولا نَصَفَة فإن أردتم الموت رددناه عليه، وإن أردتم الحياة قبلناه، قال: فناداه القوم من كل جانب: البقية البقية، فلما أفردوه أمضى الصلح) تمت.

[وروى] يزيد بن العوام بن حوشب عن هلال بن يساف سمعت الحسن يخطب يقول: (يا أهل الكوفة اتقوا الله فينا، فإنا أمراؤكم وإنا أضيافكم، ونحن أهل البيت الذين قال الله فيهم: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ٣٣}⁣[الأحزاب]، قال: فما رأيت باكياً ولا باكية أكثر من يومئذٍ).

[وروى] أبو عوانة عن حصين بن أبي جميلة: أن الحسن بينما هو يصلي إذ وثب عليه رجل فطعنه بخنجر في فخذه يقال له الحصين، فمرض منها شهراً فقعد على المنبر فقال: (اتقوا الله فينا فإنا امراؤكم وأضيافكم الذين قال الله فينا: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ٣٣}، قال: فما رؤي في المسجد إلا من بكى) انتهى شرح تكملة للمفتي |.