[أسباب صلح الحسن (ع) ومعاوية، وما حدث بعده]
  لمعاوية، فكان جوابك أن حكيت لنا حكاية من كيسك لم تعزها إلى أحد، ولا فيها حجة ولا دليل يدل على صحتها، وقد عرفناك من قبل أنك لا تعرف الدليل(١) ولا المدلول عليه.
  أو لعلك تموه وتزخرف على العامة من أشياعك وأتباعك ونظرائك بتكرير الحديث، وتطويل الحكايات تحصل على طائل، ويكون لك في ذلك فَرَج، ولا حاصل معك، ولا فرج لك إن شاء الله، وسنعيد لك طرفاً من ذلك هاهنا، ونستدل على مبايعة الحسن بن علي # لمعاوية، وأمر الناس بمبايعته، وتسليم الأمر إليه، ونذكر من فضائله بأحاديث مسندة ما يرغم أنفك، ويسخن عينك، والله ولي التوفيق والعصمة.
  فنقول: قد ذكر القتيبي في المعارف أن الحسن بن علي @ لما اجتمع هو ومعاوية بمسكن من أرض الكوفة سلم الأمر إليه، وصافحه، وبايعه على السمع والطاعة.
  وذكر مصنف كتاب الدولتين أن أهل الكوفة لما بايعوا الحسن بن علي @ وبايع أهل الشام معاوية بن أبي سفيان، سار معاوية بأهل الشام يريد الكوفة، وسار الحسن بأهل العراقين فالتقيا بمسكن من أرض الكوفة، فنظر الحسن إلى كثرة من معه من جيوش العراق، ونظر إلى كثرة من مع معاوية؛ فنادى: يا معاوية إني قد اخترت ما عند الله، فإن يكن هذا الأمر لك فما ينبغي لي أن أنازعك عليه، وإن كان لي فإني قد جعلته لك، فكبر أصحاب معاوية.
(١) قال ¥ في التعليق: لا يعرف ذلك لقول رسول الله ÷: «اللهم اجعل العلم في عقبي وعقب عقبي، وزرعي وزرع زرعي». وقوله ÷: «لا تعلموا أهل بيتي فهم أعلم منكم» وكذا قوله ÷: «إني مخلف فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا من بعدي ابداً كتاب الله وعترتي الخ»؛ فإن هذه الأدلة ونحوها صارت في العترة وأتباعهم مظنة عدم الفهم لهم بمعاني الأدلة، سبحانك اللهم هذا بهتان عظيم. وقد أخبر ÷ أن الأمة تحذوا حذو بني إسرائيل ... إلخ، وقد قال تعالى: {يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ}[النساء: ٤٦]، تمت.