[أسباب صلح الحسن (ع) ومعاوية، وما حدث بعده]
  وأما من ارتد من المسلمين ولحق بالكفار، فلا خير فيه ولا في بقائه مع المسلمين، ولا على المسلمين حرج عند الله في لحوق المرتد بالكفار.
  وأما ما سوى هذا من الشروط كما ذكر لما كتب؛ هذا ما صالح عليه محمد رسول الله امتنعوا من الرضى وقالوا: لو علمنا أنك رسول الله لكنا لا نقاتلك ولا نمنعك من البيت، فمحا ذكر رسول الله ÷ وكتب محمد بن عبدالله؛ فلا بأس بذلك، وليس محو الاسم من الكتاب محو النبي ÷ من النبوة، ولا في إنكار الكفار أنه رسول الله مما يقدح في نبوته، ولا يؤذن أنهم على حق، ولو كتب أنه ليس برسول الله، وأنهم على الحق؛ لكان ذلك قادحاً.
  بخلاف تسليم الحسن # الأمر إلى معاوية، فإن ذلك مؤذن بصحة إمامته، وجواز خلافته، ولولا ذلك لم يفعل الحسن ذلك، ولا أمر أصحابه به، وقد كان يقنع منه بالانصراف والعود والموادعة كما ذكرنا.
  وكذا أيضاً لما صدر الكتاب ببسم الله الرحمن الرحيم، امتنعوا من ذلك وقالوا: لا نرضى إلا بحق، وهو ببسمك اللهم؛ فالقوم لم يكونوا يعرفون أن الرحمن من أسماء الله تعالى، فسألوا أن يكتبوا ما يعرفون وهو اسم الله تعالى أيضاً فوافقهم النبي ÷ على ذلك.
  فأين هذا مما نحن فيه؛ بل أين وزانه من مسألتنا أن الإمامة للحسن بن علي @ وأن معاوية ممن تجوز إمامته، فوافقه الحسن # على الجائز، ولم يوافقه على ما لا يجوز.
  وأما ما ذكر أنهم أحرموا بالعمرة وساقوا الهدي فحل ÷ من إحرامه، وأمرهم أن يحلوا؛ فنقول: لولا أن التحلل جائز إذا أحصر عنه المسلمون فضلاً عن الكفار لما أمرهم به النبي ÷ فهذا ترك لعقد الإحرام، والمطالبة بتمام واجباته، فوزانه مما نحن فيه أن يترك الحسن بن علي @ المطالبة بالإمامة، ثم يأتي متمكناً للمطالبة لها، كما أمر النبي ÷ أصحابه بقضاء هذه العمرة التي