كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[الجواب على ما ادعاه الفقيه من فضل معاوية]

صفحة 209 - الجزء 4

  الأخبار وما جانسها مما ذكره الفقيه في هذا الكتاب، إن كان يرويها من لا يستحل الكذب ولا يستجيزه بل يراه قبيحاً كله، وأنه إنما قبح لكونه كذباً، وأنه لا يختلف حكمه باختلاف الفاعلين؛ أمكن حينئذ النظر في المتون، وفيما تحتمله، وما الحكم فيها.

  وإن كان في الرواة من يقول: إن الكذب قد يحسن في الشاهد، بل ربما يقول:


=

(قوله [أي صاحب النصائح الكافية]: وقد حاول الذهبي ... إلخ.

الظاهر أنه حاول أن يجعل الروايات في لعن نحو معاويه منقبة! لأن القوم يروُوْنَ عن النبي ÷: «اللهم من لعنته فاجعلها كفارة له» أو نحو هذا فانظر إلى تحريفهم؛ فلذا قلنا يكون قوله ÷: «لقد هممت أن ألعنه لعناً يدخل عليه في قبره» أن يكون معناه: ليكفّر ذنوبه! وهل يصحّ التأويل بمثله فيما عُلِم أن المراد الزجر والوعيد لا البشارة لمن [في الأصل: بمن] ألَمَّ بالمسبيَّة بأن يكفر ذنوبه باللعن، لأن الحديث: «اللهم العنه ولا تشبع بطنه إلا بالتراب»، وقد مرّت من رواية الجاحظ.

والحديث الذي فيه قوله ÷: «لا أشبع الله بطنه»، أخرجه مسلم عن ابن عباس وهو الذي أشار إليه النسائي، تمت من (النصائح الكافية) لابن عقيل.

وقال السيوطي في كتابه اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة بعد أن ذكر أحاديث كثيرة في فضل معاوية: كلها موضوعة لا أصل لها، ثم قال: قال الحاكم: سمعت أبا العباس محمد بن يعقوب بن يوسف، سمعت أبي يقول: سمعت إسحاق بن إبراهيم الحنظلي يقول: (لا يصح في فضل معاوية حديث).

ونقل ابن حجر العسقلاني عن ابن الجوزي عن إسحاق بن راهويه أنه قال: (لم يصح في فضل معاوية شيء)، تمت. ثم قال: وأخرج ابن الجوزي وهو شيخ البخاري أيضاً من طريق عبدالله بن أحمد بن حنبل سألت أبي ما يقول في علي ومعاوية؟ فأطرق ثم قال: أي شيء أقول فيهما: (إعلم أن علياً كان كثير الأعداء، ففتش له أعداؤه عيباً فلم يجدوا، فعمدوا إلى رجل قد حاربه فأطروه كياداً منهم لعلي). قال: وقد ورد في فضل معاوية أحاديث كثيرة، لكن ليس فيها ما يصح من طريق الإسناد، وبذلك جزم إسحاق بن راهويه والنسائي وغيرهما.

وقال العلامة العيني في شرح البخاري: (فإن قلت: قد ورد في فضل معاوية أحاديث كثيرة، قلت: نعم، ولكن ليس فيها حديث يصح من طريق الإسناد، نص على ذلك ابن راهويه والنسائي وغيرهما).

وقال الشوكاني: في كتابه الفوائد (اتفق الحفاظ على أنه لم يصح في فضل معاوية حديث)، تمت من النصائح.