[الجواب على ما ادعاه الفقيه من فضل معاوية]
  يجب؛ فما الأمان من أن يكون قد استعمل فيما يرويه ويحكيه مما هو عنده جائز غير قبيح من الكذب الذي يقوي به مذهبه، ويجمل به حال من يروي عنه ما يمدحه فيه، أو يروي ما يذم به من يريد من الناس؟ وهذا أمر لا يدفعه منصف، فلينظر الفقيه فيه فإنه أمر مهم، وأصل لما ينبني عليه.
  على أنا وإن نزلنا عن هذه الدرجة، والتزمنا صحة روايته، مع أنه قد صرح بجواز الكذب، فأما تمثيله بقتل النبي وسلامته بالكذب، فيدل على وجوبه، فإنه يقال له: إنا قد بينا أولاً: أن ما أخبر به النبي ÷ فهو صدق لا كذب فيه، وحق لا باطل فيه؛ لكنه ينقسم إلى ما يكون مخبره متعلقاً بالأعمال وإلى ما ليس كذلك.
  فما لا تعلق له بالأعمال فوجب تصديق وقوعه لا محالة، وأما ما يتعلق بالأعمال فلا يخلو إما أن يتعلق بعمل من يعلم أنه يستحق ما وعد به أو توعد عليه في الحال دون المآل، فهذا يقطع على أنه يستحق ما وقع الوعد أو الوعيد به في تلك الحال، وأما بعد ذلك فلا يجوز؛ فإن تاب كان له ثواب عند الله تعالى لأجل ما جدده من الطاعة، أو عقاب لأجل ما جدده من المعصية، هذا فيمن يعلم أنه لا يستحق ما وعد به أو توعد إلا في الحال.
  وإما أن يعلم أنه يستحق ذلك في كل حال كثواب الأنبياء $ فإنه يقطع على أنهم يصلون إلى ذلك.
  وأما من لا يعلم حاله هل استقام على حالته التي استحق عليها الثواب أو العقاب؛ فإنه لا يقطع عليه بما ذكر أنه يستحقه في حال الوعد والوعيد إلا بشرط البقاء على تلك الحال، وهذا القسم الأخير من الثواب هو المقصود من هذه القسمة.
  فإنا نعلم أن من وعده النبي ÷ بالجنة من قِبَل الله تعالى، أو بشره بها فإنه يستحق ذلك لا محالة؛ لأنه ÷ لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى، وإنما الكلام في بقائه على تلك الحال التي يستحق ما بشره.
  فمن استقام فثوابه باق، ومن غير، أو بدل، أو خالف أمر الله تعالى وأمر