[الجواب على ما ادعاه الفقيه من فضل معاوية]
  رسول الله ÷؛ عرفنا أنه خرج عن استحقاق ما بشر به، وكان ذنبه كبيرة محبطة، كالخروج على إمام الحق ومحاربته.
  وإن لم يعلم حكم خطيئته رددنا حكمها إلى الله تعالى، ووسعنا السكوت، ولا نقطع على أنه مستحق لما كان يستحقه لأجل جنايته المتأخرة، ولا نقطع على زوال المستحق أولاً إلا بدليل قاطع.
  فالأول: حكم الناكثين والقاسطين والمارقين، والثاني: حكم من تقدم على أمير المؤمنين، وقد تكلمنا بهذا الكلام مراراً، ودللنا عليه أسفاراً، فقد ظهر من هذه الجملة أن معاوية إن سلمنا فيه صحة هذه الأخبار فإنه من أهل النار؛ لخروجه على أمير المؤمنين # ومحاربته، وللعن علي # له؛ لأن علياً لا يلعن أحداً من أهل الجنة، كما أنه لا يلعن علياً أحد من أهل الجنة، ما لم يظهر أحدهما التوبة.
  ومعلوم أن معاوية مات على ذلك، بل وطد قواعد الخلاف، وأسس لابنه يزيد أصول الظلم، وعداوة أهل الحق، ومهد له طريق الباطل، وقوى له أسباب العدوان، حتى كأنه شاهده في كل حين وأوان، فما كان من ظلم وعدوان، وقتل وأسر، وغير ذلك؛ فكأن معاوية حاضره وشريك فيه.
  ولقد روينا عن أمير المؤمنين علي # أنه لما نصر في بعض حروبه قال له بعض أصحابه: ليت أن أخي فلاناً شاهدنا؛ فقال #: أو كان راضياً بنصرنا؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين؛ فقال: فإنه قد شهدنا، ولقد شهد حربنا هذا قوم في أصلاب الرجال وأرحام النساء، –يعني علي # بذلك الشركة في أجره للرضا به -.
  وكذلك حالة الراضي بالظلم والعدوان، والزور والبهتان، ممن أسسه وثبت قواعده، وفيمن يأتي بعده ثم يرضى به ويناظر عليه، ويجمل ما قبح من أفعاله، وقد روينا عن النبي ÷ أنه قال: «كل دم حرام سفك على وجه الأرض فإن ابن آدم شريك فيه، وذلك أنه سن القتل».
  وقد روينا عنه ÷ أنه قال: «من سن سنة حسنة كان له أجرها، وأجر