كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[بحث في صفات الإمام وشروط الإمامة]

صفحة 233 - الجزء 4

  ومنها: فرقه بين الخلقية والكسبية والمكسوب منها؛ فالله تعالى خالقه عندهم وحده لا شريك له إذ لا فعل للعبد عندهم يحدثه.

  وإن أراد أن الأولى لم يكتسبها الإمام ولا فعلها وهو المراد بالخلقية، وأن الأخرى وإن كان الله خالقها من حيث أنه لا يثبت العبد فاعلاً لكنه اكتسبها؛ كما يقوله الأشعري وطبقته، أعدنا له ما تقدم من ذكر الكسب هل هو الخلق أو أمر زائد.

  فإن كان هو الخلق؛ فالعبد خالق لأنه عنده مكتسب، أو الله تعالى مكتسب لأنه الخالق عنده. وإن كان الكسب غير الخلق فهل هو فعل وخلق أم لا؟ فإن كان فعلاً وخلقاً، فهل خالقه وفاعله الله أو العبد؟ ثم تعود المطالبة من رأسها.

  وإن لم يكن الكسب خلقاً، ولا فعلاً، بل هو وجه زائد على الإحداث مثل ما يقع عليه الفعل من الوجوه من حسن وقبح وإيجاب وندب، ومثل كون الكلام أمراً ونهياً وخبراً وتحدياً وتمنياً، وما شاكل ذلك، فمن هذه الوجوه ما يكون واجباً فلا يتعلق به تعليل⁣(⁣١).


(١) قال ¥ في التعليق: أي لا يقع به تعليل أمر مطلقاً على القول بنفي الصفة الأخص، أو تعليل أمر خارج عن الموصوف، وهو الفعل هنا على القول بوجودها فإن الصفة الأخص وإن وقع بها تعليل، فهي إنما توجب صفة لموصوفها لا لغيره؛ فإذاً لا يصح تعليل كون العبد مكتسباً للفعل بصفة الفعل، إذ كون العبد مكتسباً أمر خارج عن الموصوف، فتأمل. وإطلاق الإمام بقوله: (لا يقع به تعليل) يشعر بأنه ممن يذهب إلى نفي الصفة الأخص.

ويمكن حمله على أنه أراد لا يقع به تعليل لما أراده الفقيه من الأمر الخارج عن الفعل، وهو كون العبد مكتسباً؛ لأنه المراد هنا بنفي وقوع التعليل، تمت كاتبها.

[قال بعض فقهاء صعدة معترضاً على كلام المولى ¥: هذا كلام عجيب إلا أنه لا يوافق البحث والمقصود، تمت].

قال رضي الله تعالى عنه [مجيباً على هذا المعترض]: المقصود من البحث هو بيان أنه لا وجه على مذهب الفقيه - من أن الأفعال كلها من الله تعالى - للفرق بين صفات الإمام حيث جعل بعضها مُكْتَسِباً له الإمامُ، وبعضها خالق له اللهُ تعالى.

قال محيي الدين على جعل الكسب علة في كون العبد مكتسباً لبعض دون بعض، وأنه وجه الفرق بين الصفات، حيث قيل خلقية وكسبية -: فالكسب هل هو الخلق، أو أمر زائد؟ فإن كان الخلق فإن كان =