كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[حكم البغاة والفساق]

صفحة 339 - الجزء 4

  وبهذا الإسناد إلى الحاكم يرفعه قال: روي أن معاوية خطب في الشام وقال: أنا خازن من خزان الله، أعطي من أعطاه الله، وأمنع من منعه الله؛ فقام أبو ذر فقال: كذبت يا معاوية، إنك تعطي من منعه الله، وتمنع من أعطاه الله؛ فقال عبادة بن الصامت: صدق أبو ذر، وقال أبو الدرداء: صدق عبادة. وهذه هدية لمن كان من أهلها، قدح زنادها ما ظهر من تعصب الفقيه في حق معاوية.

[حكم البغاة والفساق]

  ثم قال [أي الفقيه]: وأما قوله [أي القرشي] إن اسم الإسلام لا يتناول البغاة والفساق عرفاً وشرعاً، بل هم عندنا غير مسلمين ولا مؤمنين، فلعمر الله إن هذا الذي قاله هذا القدري لم يذهب إليه ذاهب، ولم يقل به قائل سوى الخوارج الذين يُكفِرون بالمعاصي، وقد قتلهم علي # وغالب الظن أنه منهم.

  وقائل هذا قد كَذَّب الله فيما أخبر به من حال البغاة لقوله تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ}⁣[الحجرات: ٩].

  والجواب [المنصور بالله]: أنا قد بينا الدلالة على أن الفاسق لا يسمى مؤمناً، ولا يُحكَم عليه بحكم المؤمن، ولا يسمى كافراً ولا يحكم عليه بأحكام الكفار، ولا شك أن الباغي فاسق.


= وقال عمار بن ياسر: (أما إني أشهد أن رسول الله ÷ أمر علياً بقتال الناكثين والقاسطين)، رواه أبو مخنف قاله عمار رداً على أبي موسى لما ثبط الناس عن الجهاد مع علي #. ورواه محمد بن سليمان الكوفي عن علقمة وعن أبي سعيد التيمي كليهما عن علي لفظ أبي سعيد قال: (عهد إليَّ رسول الله ÷ أن أقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين فقال: الناكثين أهل الجمل، والقاسطين أهل الشام، والمارقين الخوارج)، ولفظ علقمة: (أمرت أن أقتل الناكثين والقاسطين والمارقين). ورواه عن أبي سعيد التيمي عن علي نحو الأول من طريق أخرى، ورواه عن إبراهيم عن علي نحو حديث علقمة، وروى نحوه عن أبي أيوب.

وقال عمار بن ياسر: أمرني رسول الله ÷ بقتال الناكثين فقد فعلت، وأمرني بقتال القاسطين، وأنتم هم، يخاطب عمرو بن العاص في صفين، وأما المارقين فلا أدري أدركهم أو لا، رواه نصر بن مزاحم، تمت.