[حكم البغاة والفساق]
  وبينا أن تسمية الباغي مؤمناً في حال بغيه كما يسمى المرتد مؤمناً، فيقال: متى ارتد المؤمن قُتِل، وقد فصلنا ذلك بما يغني عن إعادته هاهنا.
  وأما قوله [أي الفقيه]: ثم قال بعد هذا: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ}[الحجرات: ١٠]، فسماهما الله ø مع وجود البغي من أحدهما مؤمنين، ومن كَذّب الله تعالى فيما أخبر به فهو كافر.
  وكذا قد كذَّب النبي ÷ في تسمية البغاة مسلمين لقوله في الخبر المشهور في مدح الحسن بن علي @: «إن ابني هذا سيد، وسيصلح الله به بين فئتين من المسلمين» فكان كما قال النبي ÷ وأصلح به بين أصحابه وأصحاب معاوية.
  ولا يقدر أحد على دفع هذا الحديث ولا أن المراد به غير ما قلنا؛ فليت شعري أشهادة الله وشهادة رسوله أعدل أم شهادة هذا القدري، الذي لم يأت على ما قال بدليل ولا حجة، ولو طالبناه بإقامة الدليل على ما قال لم يجد إلى ذلك سبيلاً.
  فالجواب [المنصور بالله]: أنه أطلق اسم الإيمان على أهل المعاصي وذمنا ذم الفاسقين على خلافه، ولم يذم سلفه الملعون على خلاف أمير المؤمنين علي # من معاوية وقومه، فأظهر الله خزيه عند أهل المعرفة.
  وقال (أي الفقيه): أظن صاحب الرسالة من الخوارج، فما(١) أمارة هذا الظن ألِتَقْديمه علي بن أبي طالب اعتقدت كونه خارجياً؟ أم لقوله من خالف الإمام فسق؟ فقد قام به الدليل، أو لاعتقادك إمامة أبي بكر وعمر وأن من لم يقل بإمامتهما خرج من الدين، فأمرك كله عجب؛ فتأمل ما قلنا.
  ولما قدمنا من أن الباغي فاسق فلا يسمى مؤمناً ولا كافراً، أما أنه لا يسمى مؤمناً فلأن قولنا مؤمن اسم مدح وتعظيم، والباغي لا يستحق المدح والتعظيم.
  أما أنه اسم مدح وتعظيم فلأنه يحسن توسطه بين أوصاف المدح فنقول:
(١) بداية جواب الإمام المنصور بالله (ع).