كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[منعة أبي طالب وعمر وجوار أبي بكر]

صفحة 383 - الجزء 4

  ثم لم يلبث إلا يسيراً حتى بلغ، وهذا في وقته لم يتبع رسول الله ÷ غيره.

  ومن المعلوم أن خوف الكبير يلحق الصغير المميز؛ بل ربما يكون خوفه أعظم كما قيل: خافهم الناس حتى نُوِّم بهم الرضيع ورُوِّعت الفتاة.

  وأما قوله [أي الفقيه]: وكان مع ذلك ابن أبي طالب وهو رئيس قريش - وهل⁣(⁣١) وقع الخوف والحصر والتشديد إلا على رئيس قريش وأهل بيته، أفلم تعلم بحصار الشعب على بني هاشم خاصة دون قريش كلها، ولا شك بازدياد القوم بإسلام عمر، وشدة شكيمته على قريش، ومباينته لهم بالإسلام، ولا شك أنه ممن نفع الله دينه بإسلامه، وإن كان بنو هاشم غير كاتمة إسلامها، وكيف تكتم ما تدعوا الناس إليه.

  وقد روينا صلاة رسول الله ÷ وما معه إلا صبي وامرأة ظاهر في الحديث الأول مسنداً، وإنما كان بعض المسلمين يكتم ممن كان لا قرابة له، أو لغرض، كما كتم أبو طالب إسلامه ليبقى له في قلوب القوم هيبة ومجاملة، مخافة أن يباين دينهم ويفارقهم، فيبقى لهم فيه طمع.

[منعة أبي طالب وعمر وجوار أبي بكر]

  ويا بعد قولك في أبي طالب: إنه لا تخفر ذمته، ولا تستباح حرمته، من قولك كان رسول الله ÷ وأصحابه يستخفون بدينهم لا يقدرون على إظهاره، فلما أسلم عمر قال: لا يعبد الله سراً بعد اليوم، وقد قدمنا كلامنا فيه.

  ولا شك أنه لما أسلم جاء حتى وقف على المشركين، وأخبرهم بإسلامه، وتدافع هو وإياهم، وشتم وشتموا حتى سأم وسأموا، وكان ذلك من الآثار الحسنة، ولكن أين ذلك ممن أفنى صناديدهم، وأهلك عفاريتهم، وبغض إليهم حمل الرايات ودعاء نزال.


(١) بداية جواب الإمام #.