[أمر النبي ÷ عليا بالسكوت إن لم يجد أعوانا]
  ورحمة الله عليهما.
  ثم قام دامع العين يبكي قابضاً على يدي حتى دخل المسجد، فصعد المنبر وجلس عليه متكئاً قابضاً على لحيته ينظر فيها وهي بيضاء، حتى اجتمع له الناس، ثم قام فتشهد بخطبة موجزة بليغة، ثم قال: ما بال أقوام يذكرون سيدي قريش وأبوي المسلمين بما أنا عنه منزه، وعما قالوه بريء وعلى ما قالوا معاقب، أما والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لا يحبهما إلا مؤمن تقي، ولا يبغضهما إلا فاجر رديء، صحبا رسول الله ÷ على الصدق والوفاء، يأمران وينهيان، ويقضيان ويعاقبان؛ فما تجاوزا فيما يصنعان رأي رسول الله ÷، ولا كان رسول الله ÷ يرى مثل رأيهما رأياً، ولا يحب كحبهما أحداً، مضى رسول الله ÷ وهو عنهما راض والمسلمون عنهما راضون، أمر رسول الله ÷ أبا بكر على صلاة المؤمنين، فصلى بهم تسعة أيام في حياة رسول الله ÷، فلما قبض الله نبيه ÷ واختار له ما عنده، ولاَّه المؤمنون ذلك، وفوّضوا إليه الزكاة لأنهما مقرونتان.
  ثم أعطوه البيعة طائعين غير مكرهين، أنا أول من سن ذلك له من بني عبدالمطلب وهو لذلك كاره، يود أن أحداً منا كفاه ذلك، وكان والله خير من بقي، وأرأفه رأفة، وأثبته ورعاً، وأقدمه سناً وإسلاماً؛ شبهه رسول الله ÷ بميكائيل رأفة ورحمة، وبإبراهيم عفواً ووقاراً، فسار فينا سيرة رسول الله
= يقول لي أخي: ألم أقل لك إن لم تجد أعواناً فاكفف يدك، ولو أمرني بجهادهم وحدي لفعلت). من رواية القاسم بن إبراهيم #، وقد مر في حاشية الجزء الثالث فراجعه.
وروى محمد بن سليمان الكوفي بإسناده إلى عيسى ابن أبي فروة قال: أتى رجل زيد بن علي # فقال: يابن رسول اللَّه إن تكن الرجل الذي تنتظره الشيعة جاهدت معك بنفسي ومالي، وإلا لم أتعجل البلاء، قال: فنكس زيد رأسه ثم رفعه، فقال: (إن رسول اللَّه ÷ عهد إلى علي بن أبي طالب أن يلزم بكلكله الأرض حتى يقتل عثمان، فإذا قتل دعا إلى كتاب ربه فطلب حقه، وأظهر حجته، ودعا إلى سبيل ربه فقتل، وأخرج أنا غداً فأدعوا إلى كتاب اللَّه ربي وأظهر حجتي، وأطلب حقي فأقتل الخ).