[بيان أن التقدم في الصلاة على فرض صحته لا يدل على إمامة الأمة]
  وقد أوجب النبي ÷ دخول الصحابة قاطبة تحت رايته، وهذا أمر أقوى من التقدم في الصلاة(١)، وإلزامه لطاعة أسامة بغير شك، فليعاود النظر في ذلك ولا
(١) قال ¥ في التعليق: روى أبو بكر الجوهري بإسناده إلى عبد اللَّه بن عبد الرحمن: أن رسول اللَّه ÷ في مرض موته أَمَّر أسامة بن زيد بن حارثة على جيش فيه جُلَّة المهاجرين والأنصار، منهم أبو بكر، وعمر، وأبو عبيدة بن الجراح، وعبد الرحمن بن عوف، وطلحة، والزبير، وأمره أن يُغِيْرَ على مؤتة ... إلى قوله: فتثاقل أسامة وتثاقل بتثاقله الجيش، وجعل رسول اللَّه ÷ في مرضه يثقل ويخف، ويؤكد القول في تنفيذ ذلك البعث. حتى قال له أسامة: أتأذن لي أن أمكث أياماً حتى يشفيك اللَّه، فقال: «اخرج وسر على بركة الله»، فقال: إن أنا خرجت وأنت على هذا الحال خرجت وفي قلبي قرحة منك، فقال: «سر على النصر والعافية»، فقال: إني أكره أن أسأل عنك الركبان فقال: «أنفذ لما أمرتك به»، ثم أغمي على رسول اللَّه ÷، وأقام أسامة، فتجهز للخروج، فلما أفاق الرسول سأل عن أسامة والبعث، فأخبر أنهم يتجهزون، فجعل يقول: «أنفذوا بعث أسامة، لعن اللَّه من تخلف عنه»، وكرر ذلك، فخرج أسامة واللواء على رأسه، والصحابة بين يديه، حتى إذا كان بالجُرُف نزل ومعه أبو بكر وعمر وأكثر المهاجرين، ومن الأنصار أسيد بن حضير، وبشير بن سعد، وغيرهم من الوجوه، فجاءه رسول أم أيمن يقول له: ادخل فإن رسول اللَّه ÷ يموت، فقام من فوره فدخل المدينة واللواء معه، فجاء به حتى ركزه بباب رسول اللَّه ÷، ورسول اللَّه ÷ قد مات تلك الساعة. قال: فما كان أبو بكر، وعمر يخاطبان أسامة إلى أن ماتا إلا بالأمير. تمت شرح نهج البلاغة [ج ٦/ص ٥٢].
وقد ذكر الشيخ الشهرستاني - من كبار شيوخ الأشعرية - في كتاب الملل والنحل: الخلافين في مرض رسول اللَّه ÷:
الأول: رجوع من رجع من معسكر أسامة بن زيد.
والثاني: ما جرى يوم الخميس لَمَّا أمرهم ÷ يأتوا بالصحيفة يكتب لهم كتاباً لا يضلون أبداً، فجرى من عمر ما جرى إلخ.
وذكر خلافين بعد موته ÷ أحدهما يوم السقيفة إلخ.
قال المرتضى - أخو الرضي -: وقد روى البلاذري في تاريخه - وهو معروف بالثقة، والضبط، وبريء من مُمَالاة الشيعة ومقاربتها -: أن أبا بكر وعمر كانا في جيش أسامة.
وقال المرتضى: وقد ذكره أصحاب السير والتواريخ، قال هذا ابن أبي الحديد.
وقال الواقدي: لم يكن أبو بكر في جيش أسامة إنما كان عمر، وأبو عبيدة بن الجراح، وسعد بن أبي وقاص، وسعيد بن زيد بن عمر بن نفيل، وقتادة إلخ.
قال ابن أبي الحديد: وكثير من المحدثين يقول: إن أبا بكر كان في جيشه.