[بيان أن التقدم في الصلاة على فرض صحته لا يدل على إمامة الأمة]
  كونهم أئمة [الهدى(١)]، وإن كان لا يدل فيجب أن يستوي فيه أبو بكر وغيره فما هذه المدافعات التي لا تغني.
  ثم قال [أي الفقيه]: وأما قوله(٢): إن تقديم الغير في الصلاة في حال الصحة إذا لم يدل على إمامته، لم يدل أيضاً في حال المرض، وذكر أمر أسامة وضم النبي ÷ إليه أبا بكر - فقد انفصلنا من أمر من استخلفه النبي ÷ في حال الصحة، وأنه في حال غيبة النبي ÷ وغيبة أصحابه.
  فالجواب [المنصور بالله]: أنا قد بينا أنه إن كان الاستخلاف طريقاً إلى الإمامة أو دليلاً عليها لم يفترق الحال بين حضور النبي ÷ وغيبته، وكذلك الصحابة؛ فما وقع منه انفصال مخلص إلى الآن، بل يلزم أن يكون الجميع أئمة للأمة، كما كانوا أئمة في الصلاة، أو تبطل إمامة أبي بكر من جملتهم؛ إذ لا وجه يترجح به تقديمه على تقديمهم، مما يقتضي كونه إماماً للأمة.
  ثم قال [أي الفقيه]: وأما ما ذكر من تأمير أسامة بن زيد وضم أبي بكر وعمر إليه فبعيد مما نحن فيه، وليس ذلك من الصلاة في شيء؛ لأن الصلاة إنما يتقدم فيها الأفضل إلا لضرورة أو حاجة، وقد قال النبي ÷: «إذا أردتم أن تزكوا صلاتكم فقدموا خياركم»، وقال ÷: «يؤم القوم أقرؤهم وأفقههم» بخلاف الإمارة على الحرب، فقد يُقدّم فيه من يصلح للإمامة ومن لا يصلح.
  والجواب [المنصور بالله]: أنه لم يأت بما يخلصه؛ لأن إمارة أسامة كانت مع حصول الشروط لصحة الصلاة؛ فقد جمع الأمرين معاً وأعظمهما شبهاً بالإمامة وهو الجهاد في سبيل الله ø وسياسة الجمهور، ولم ير ÷ فيهم من هو أولى منه في ذلك الوقت، مع كمال الستر والعفاف الذين تصلح معهما إمامة الصلاة، وكذلك معرفة ما يحتاج إليه فيها.
(١) ما بين المعقوفين زيادة من (نخ) خطية، وغير موجودة في نسختين مما لدينا.
(٢) أي الشيخ محيي الدين القرشي.