[تابع بطلان ولاية أبي بكر]
  وأما قوله [أي الفقيه]: على أن أمر الصلاة واضح لا يحتاج إلى الإظهار، بخلاف هذه الأحاديث فإن معناها لا يدرك إلا بنظر واجتهاد، وترجيح للمعنى الذي يريده على غيره من سائر المعاني.
  فالجواب [المنصور بالله]: أنه إذا كان أمر الصلاة واضحاً؛ فهل دلالته على الإمامة واضح(١) كوضوحه أم لا؟ فإن كانت كذلك، فقد سلك الفقيه مسلك الإمامية في النص الجلي، ولزم تخطئة من تأخر ممن علم تقديم أبي بكر في الصلاة بل تفسيقه والله أعلم بتكفيره.
  وإن كانت دلالة التقديم في الصلاة على الإمامة غير واضحة كوضوحه، فقد تساوى النصان في الظهور بزعمه وخفي وجه دلالتهما إلا على الحذاق من النظار، فكيف يجعل النص على الصلاة أظهر في باب الإحتجاج على الإمامة لولا الغفلة عن وجوه الكلام وما يلزم عليه، وخبر الصلاة آحاد، وخبر الغدير والمنزلة تواتر.
  وأما قوله [أي الفقيه]: وكذا ما رواه عن زيد بن علي # فحديث منقطع الأول والآخر، وزيد بن علي لم يدرك النبي ÷، وما قال فيه: بأن النبي ÷ لم يأمر أبا بكر بالصلاة؛ يدل على أنه لم يعرف ذلك، ولا خبرة له به، والمرء عدو ما جهل، وقد صح ذلك من طرق شتى فلا معنى لإنكار من أنكره.
  فالجواب [المنصور بالله]: أن إنكاره لانقطاع سند الخبر لا وجه له، مع أنه قد سلك هذه الطريقة، فكيف يجيزها لنفسه دون غيره؟ ولا خلاف بين أكثر العلماء أن من صحت روايته قُبِل ما جاء به من مسند أو مرسل أو مدلس أو موصول أو معنعن أو مسلسل، وهذه هي أنواع الأخبار؛ فكيف يمنع من ذلك مع استعماله له مع أن أكثر العلماء قد قال به.
(١) تحت السطر في نسخة: واضحة (ظ).