كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[استدلال الفقيه على إمامة أبي بكر - والرد عليه]

صفحة 481 - الجزء 4

  فأقول [أي الفقيه] وبالله التوفيق: لقد رقق هذا الرجل في كلامه عن ضبوح، وتكلم في غير وضوح، وادعى الإجماع في موضع الخلاف، وعدل عن الإنصاف، وركب متن الجهل والإعتساف، وجاء بكلام ينقض بعضه بعضاً، عناداً منه للحق وغيظاً، وعداوة للصديق وبغضاً.

  ومن تأمل كلامه علم من مناقضته أنه قد كفى خصمه مؤنة الجواب، وأن الرجل لا خبرة له بمواقع الحجاج ومواضع الصواب، وأن مقصوده العناد وإظهار الفساد، واختيار الضلال على الرشاد، دون الرجوع إلى الحق والانقياد، ومن كان هذا حاله كان السكوت عنه أولى، وترك مكالمته أوفق وأحرى.

  غير أنا لما خفنا أن يغتر بتلبيسه العوام، ويركن إلى تدليسه من لا خبرة له من أهل الإسلام، كان هذا هو الذي حملنا على الجواب، ومن الله نرجو الأجر والثواب.

  أما ما ذكر القدري من دعوى إجماع الصحابة على بيعة أبي بكر - فنحن نقول بذلك، وقد عرفناه أولاً مذهبنا في الإمامة، وأبطلنا طريق النص الجلي القاطع للعذر من جهة الاتفاق بيننا وبينهم، وأبطلنا أيضاً دعواهم النص الخفي في ظواهر أحاديثهم التي ذكروها في فضائل علي # وأن المراد بها بزعمهم الإمامة، ولم يبق في طريق الإمامة إلا العقد والاختيار، وعرفناه طريقها، واحتججنا بأن الإمامة إذا ثبتت وخالفها مخالف كان باغياً على الإمام يجب قتاله إلى أن يعود إلى الحق، ونحن بعد هذا نقيم الدلالة على بيعة من ادعى تخلفه عن بيعة أبي بكر الصديق لنفي بما ذكرناه ونقوم بما شرطناه.

  على أنا لو ادعينا النص على إمامة أبي بكر الصديق من قبل النبي ÷ بالأحاديث التي نرويها عن النبي ÷ لكانت دعوانا أولى، ونحن بالإحتجاج على ما ادعيناه أقوى، وبما رمناه أصوب وأحرى؛ إذ الأحاديث التي نرويها في أمر الصديق إنما تحتمل معنى واحداً واضحاً ظاهراً، وأحاديثهم التي يروونها يحتمل الحديث منها عشرة معان ليس بعضها بأولى من بعض إلا بقرينة